اخبار فلسطين

هل انقلب الغرب ضد “إسرائيل”؟

فلسطين المحتلة شبكة قُدس: قالت مجلة فورين بوليسي، إن ألمانيا ردت على أنباء نية الاحتلال الإسرائيلي احتلال مدينة غزة بوقف تصدير أي معدات عسكرية يمكن استخدامها هناك، ما يشير إلى تزايد في تحول الرأي العام ضد حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.

وأوضحت المجلة في مقابلة مع “مفاوض السلام” الإسرائيلي السابق دانيال ليفي، أن البيان الصادر عن المستشار الألماني فريدريش ميرز يأتي في وقت أشارت فيه كندا وفرنسا والمملكة المتحدة إلى أنها ستعترف رسميا بفلسطين في القمة السنوية للأمم المتحدة الشهر المقبل، بعد أن اعترفت ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالفعل بفلسطين كدولة.

وذكرت المجلة أنه حتى في الولايات المتحدة أقوى حليف للاحتلال الإسرائيلي، يتحول المزاج العام، حيث أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة إيكونوميست بالتعاون مع مؤسسة يوغوف، أن 84% من الأميركيين يؤيدون وقف إطلاق النار الفوري، كما يعتقد 70% منهم أن هناك أزمة جوع في غزة، ويعتقد 45% أن الاحتلال يرتكب إبادة جماعية.

وعن تأثير هذه التحولات على السياسة الإسرائيلية، قال إن المملكة المتحدة وفرنسا عضوان في مجلس الأمن، وهما حليفتان للاحتلال، معتقدا أن لحركتهما معنى أدق مما هو ظاهر، حيث تقومان بلفتة للاستجابة للضغط الشعبي، باتخاذ إجراءات لا تخل بالعلاقات الثنائية القائمة مع “إسرائيل” بشكل مفرط.

وأوضح ليفي أن اعتراف هذه الدول بدولة فلسطين مجرد لفتة رمزية، وبعد الاعتراف بها، رجح أنهم يأملون ألا تتخذ إجراءات أخرى، وأن يكون هذا كافيا لدرء الضغط الشعبي، خاصة أنهم يعترفون بدولة تحت احتلال دائم وغير قانوني، حسب محكمة العدل الدولية اعتبارا من 19 يوليو/تموز 2024.

ومع ذلك توقع ليفي أن الضغط سيشتد بعد اتخاذ خطوة الاعتراف، مع أن النية هي التوقف في هذا الطريق، مشيرا إلى أن “إسرائيل” ستهاجم هذا وتشهر به، بحيث تعتقد الدول التي تعترف بفلسطين أنها تقوم بعمل جاد بدليل غضب “إسرائيل”، كما تشعر السلطة الفلسطينية التي تفتقر إلى استراتيجية حقيقية بالراحة لبضعة أيام، وعندها ستتوقف الأمور.

وأضاف ليفي أن هناك مناورات ترافق الاعتراف في باريس ولندن، حيث شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في استضافة مؤتمر الأمم المتحدة مع السعوديين، وهو يحاول استغلال هذا لدفع تطبيع العلاقات السعودية مع الاحتلال، وربما تحقيق مكاسب، أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر فيواجه ضغوطا أكبر بكثير من داخل حزبه ودائرته الانتخابية، مما قد يؤثر على مستقبله السياسي.

ونبّه ليفي إلى أن الإجراءات التي يرجح أن تحرص تلك الدول على تجنبها قد تدرج على جدول الأعمال، مثل الحظر الكامل على الأسلحة، وتقييد عناصر تجارية أخرى، وذكّر في هذا السياق بمقال كتبه مارتن ساندبو في صحيفة “فايننشال تايمز” قال فيه إن أوروبا يجب عليها تكرار بعض ما حدث مع روسيا، مع الأصول الإسرائيلية المودعة في البنوك الأوروبية، ومقاطعة الرياضة، وما إلى ذلك، لتكون لها مصداقية.

وعند سؤاله عن حالة الولايات المتحدة التي لا تزال أقوى وأكبر حليف للاحتلال، حيث رأي الإدارة لا يتغير، ولكن الرأي العام يتغير، قال دانيل ليفي إن السبب الأوضح في التغيير هناك هو سياسة التجويع.

وذكر المفاوض الإسرائيلي السابق أن غزة خضعت لحصار وحشي للغاية لما يقرب من عقدين من الزمن، أجرت “إسرائيل” خلاله حسابا لكمية السعرات الحرارية التي يحتاجها سكان غزة للحفاظ على مستوى الكفاف، وخلص إلى أن بلده استخدم العقاب الجماعي والحرمان من الوصول إلى الغذاء والطاقة والمياه، حتى قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبعده أيضا، لكن ذلك تسارع، مما أدى إلى مزيد من الانكشاف لصور غزة وقسوة ما تعيش.

ويزيد من حدة الأمر توافق التصريحات الغريبة الصادرة عن القادة الإسرائيليين من أمثال وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وحتى من أعماق حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع الواقع على الأرض، حيث يتحدثون علنا عن الدمار والتطهير العرقي الذي يفعلونه.

وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا عن الإبادة الجماعية بقلم عمر بارتوف، وخصصت صحيفة واشنطن بوست 5 صفحات لقائمة الأطفال الذين قتلوا في غزة، ووصف الروائي الإسرائيلي ديفيد غروسمان ما يحدث بالإبادة الجماعية، وكذلك وصفتها منظمات عديدة من بينها إسرائيلية.

أما كيف استغرق الأمر كل هذا الوقت، فهذه قصة أكبر، كما يقول ليفي، إذ كانت “إسرائيل” فعالة للغاية في عرض روايتها، كما كان الضغط السياسي الأميركي فعالا، وذلك مقابل ضعف القيادة الفلسطينية وافتقارها للمصداقية، وإن كان لدى الفلسطينيين مجتمع مدني فعال للغاية.