هل يشن الاحتلال عملية عسكرية في شمال الضفة؟
رام الله خاص قدس الإخبارية: تصاعدت وتيرة التسريبات الإعلامية الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة عن دراسة المنظومة الأمنية والعسكرية في الاحتلال إمكانية شن عملية عسكرية مركزة تستهدف مناطق شمالي الضفة الغربية بهدف الضغط على عناصر المقاومة فيها.
وذكرت القناة 12 العبرية على لسان مراسلها العسكري نير دفوري أن التفكير الموجود لدى المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية يتمثل في حشد عدة ألوية تعمل لعدة أيام في كل من نابلس وجنين وطولكرم وهي مناطق الشمال في الضفة الغربية بالإضافة لمناطق أخرى.
ووفق القناة العبرية فإن هذه النشاطات العسكرية يجب أن تكون محدودة كون المنظومة الأمنية لم تحسم أمرها بشأن ذلك، وهو ما جعل المستوى السياسي الإسرائيلي مترددًا في منحها الضوء الأخضر للقيام بهذه العملية خصوصًا وأن هناك خشية من تأثير مثل هكذا عملية على استقرار السلطة.
وبحسب القناة 12 فإن هناك تساؤل داخل المنظومة الأمنية والعسكرية وكذلك المستوى السياسي حول إمكانية دخول غزة ممثلة بفصائل المقاومة الفلسطينية للرد على هكذا عملية ولذلك فإن جميع الاستعدادات والتجهيزات التي تتم تنتظر الضوء الأخضر للقيام بذلك.
ويطرح ما نشرته القناة العبرية مجموعة من السيناريوهات المتعلقة بأسباب التفكير الإسرائيلي في شن عملية عسكرية محدودة بشكل أعنف وأقوى مما يجري خلال العام الأخير، وهو ما قد يعني أن ذلك جاء كنتيجة لفشل عمليات التسلل والاغتيال
ومحاولات الضغط من خلال السلطة التي لم تنجح في تصفية عرين الأسود والمقاومة.
وبالتوازي مع ذلك، فإن الاحتلال يضع في حساباته أن هذه العملية من شأنها أن تلحق ضررًا كبيرًا بمنظومة السلطة الفلسطينية وتحديدًا الشق المتعلق بالتنسيق الأمني، إلى جانب أنه يفتح الباب ضده على المستوى السياسي والدولي خصوصًا من الأطراف الأوروبية والأمريكية.
سيناريوهات مختلفة.. “السور الواقي” خيار مستبعد
في السياق، يرى الباحث والمختص في الشأن السياسي ساري عرابي أن سيناريو السور الواقي وهي العملية التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي عام 2002 تبدو أمرًا مستبعدًا لعوامل عدة أبرزها أن الاحتلال أنهى ما يعرف بالتقسيم المناطق “أ” و “ب” و”ج” وباتت جميع المناطق معرضة للاقتحامات بشكلٍ يومي.
ويقول عرابي لـ“شبكة قدس” إن التفسير الأكثر وضوحًا للحديث الإسرائيلي عن عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية هو قيامه باقتحامات مشابهة لتلك التي جرت قبل أكثر من 3 أشهر والتي أدت في حينه لسقوط أكثر من 10 شهداء دفعة واحدة في اقتحامه لجنين ونابلس.
ويشير إلى أن النمط الأقرب قد يكون العود للعمليات الأكثر عنفًا وهو الأمر الذي يمارسه الاحتلال منذ ثلاثة أشهر، إلى جانب تنفيذ اقتحامات أوسع مع إغلاقات أكثر لمراكز المدن وفرض حصار نصفي على بعض المناطق مع شن عمليات أمنية وعسكرية بشكل شبه يومي.
ويعتقد الباحث والمختص في الشأن السياسي أن التوسيع الكبير في العمليات قد يجر الحاضنة الشعبية والجماهير الفلسطينية إلى المواجهة بشكلٍ أكبر وهو أمر لا يريده الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن المؤسسة الأمنية والعسكرية قد تضطر لتجاوز هذه الرؤية.
ويستكمل عرابي بالقول: “حسابات المؤسسة الأمنية والعسكرية قد تتفق مع حسابات بعد الوزراء الذين لا يهتمون لبعض التفاصيل والأمور الدقيقة الرافضة لإجراء مثل هذه العملية أمثال الوزير المتطرف إيتمار بن غبير أو بتسلئيل سمويتريتش والمحسوبين عليهم”.
ويلفت إلى أن موقف السلطة الفلسطينية يعتبر حرج للغاية أمام هكذا تفكير إذ سبق ذلك خلال الشهور الماضية تدخلات إقليمية ودولية ومصرية وأردنية سبقت حتى لقائي العقبة وشرم الشيخ، عدا عن الموقف المحرج للسلطة على المستوى الاقتصادي والسياسي في ظل انسداد الأفق سياسيًا.
أما عن المقاومة في غزة، فيرى عرابي أن حسابات الفصائل الفلسطينية وتحديدًا حركة حماس في غاية الدقة كونها معنية بتنوع الجبهات وبوجود حالات مقاومة تساهم في أي مواجهة مقبلة في العمل ضد الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة دخولها في مواجهة جديدة وهو ما يبقى حسابتها دقيقة للغاية.
خيار مستبعد.. أسباب وعوامل
بدوره، يعتقد أستاذ العلوم السياسية أحمد رفيق عوض أن خيار شن الاحتلال الإسرائيلي لعملية عسكرية يبدو أمرًا مستعبدًا في الفترة الحالية، لعدة عوامل أبرزها التكلفة المرتفعة التي قد يدفعها إلى جانب ما قد يتعرض له من انتقادات على المستوى الدولي والإقليمي.
ويقول عوض لـ “شبكة قدس” إن من أسباب استبعاد شن الاحتلال لعملية عسكرية هو عدم وجود أهداف ثابتة ومحددة وهو ما قد يؤدي إلى أن تكون نتائج هذه الحملة محدودة للغاية وأقل من توقعاته وبالتالي فإن الاحتلال سيميل إلى استمرار الاقتحامات بالوتيرة الحالية دون تنفيذ حملة كبيرة.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية أن ما يجري هو جزء من محاولة الاحتلال شن حرب نفسية ضد شمال الضفة الغربية المحتلة وأهلها والمجموعات المقاومة فيها إلى جانب الحرب الإعلامية التي يقوم فيها، وهو ما يفسر ازدياد حجم التسريبات الإعلامية عن نيته شن عملية عسكرية.
ويرى أن ذهاب الإسرائيليين نحو حملة عسكرية كبيرة قد يؤدي إلى شعور السلطة بالحرج الشديد ويضعها تحت خيار التصرف، وهو ما قد يلزم أطراف أخرى بالتدخل ضمن ظاهرة المقاومة المسلحة والمشاركة إلى جانبها مثل الأجهزة الأمنية أو حتى كوادر حركة فتح، إلى جانب الانتقاد الشديد لمثل هكذا تحرك إسرائيلي على المستوى الأوروبي والأمريكي والأطراف الإقليمية.
ويشدد عوض على أن هذه الحملة ليس لها عناوين وأهداف واضحة الملامح وما ستحصده ليس كبيرًا، إذ أن ما يقوم به الاحتلال حاليًا يعتبر أقل كلفة وضجيج من خيار العملية العسكرية، إذ أن الاحتلال ينفذ اقتحامات واعتقالات ليلية ونهارية دون تدخل لأطراف خارجية.