توب 5| ألعاب حققت نجاح كبير غير متوقع وشكلت صناعة الألعاب

في عالم صناعة الألعاب، هناك عناوين أيقونية حفرت أسمها في الصناعة بحروف من ذهب. هذا العام، ننتظر إطلاق لعبة GTA 6 على أحر من الجمر، وإذا نظرنا إلى هذه اللعبة بالتحديد نجد أنها لعبة شهيرة التي يتوقع لها نجاح شبه مؤكد تقريبًا.
لكن على الجانب الآخر، هناك ألعاب نجحت في قلب موازين الصناعة رأسًا على عقب، رغم أنها كانت مغمورة، ولم يتوقع أحد لها هذا النجاح الهائل. اليوم، أعددنا لك قائمة تضم 5 ألعاب حققت نجاحًا ضخمًا لم يكن في الحسبان.
لعبة Minecraft
في عام 2009، بدأ تطوير لعبة Minecraft على يد المطوّر السويدي ماركوس بيرسون (Notch) كمشروع مستقل بسيط. كانت تكاليف تطوير النسخة الأولية متواضعة جدًا، قُدّرت بحوالي 13 ألف دولار أمريكي فقط، ولم تتضمن أي موارد ضخمة أو فريق عمل كبير. اعتمدت اللعبة على فكرة إبداعية فريدة: عالم مفتوح بالكامل مكوَّن من مكعبات، يتيح للاعب البناء والاستكشاف بحرية لا محدودة.
رغم بساطة الفكرة والمظهر الرسومي “البدائي”، نالت ماينكرافت إعجاب مجتمع اللاعبين، وسرعان ما انتشرت عبر مقاطع الفيديو والبث المباشر. هذه الشعبية دفعت اللعبة إلى النجاح التجاري بشكل غير متوقع. وفي عام 2011، أُطلقت النسخة الكاملة، لتبدأ رحلة صعود مذهلة.
جذب النجاح الكبير انتباه شركة مايكروسوفت، التي استحوذت على اللعبة وشركتها المطوّرة Mojang في عام 2014 مقابل 2.5 مليار دولار أمريكي. حتى عام 2025، تجاوزت مبيعات ماينكرافت 300 مليون نسخة، مما يجعلها اللعبة الأكثر مبيعًا في تاريخ صناعة الألعاب خلف لعبة Tertis فقط التي تمتلك نسخ لا حصر لها، ومتفوقة على ألعاب ضخمة مثل GTA V وTetris. كما أصبحت متوفرة على جميع المنصات تقريبًا، من الهواتف الذكية إلى أجهزة الألعاب المنزلية والحواسيب. بالطبع، هذا النجاح الكبير لم يكن يتوقعه أحد ولا حتى مطور اللعبة نفسه، الذي عمل على اللعبة بشكل منفرد تمامًا. لا أعتقد أنه كان يتوقع، وهو يعمل داخل غرفته، أن لعبته ستكون الأعلى مبيعًا في التاريخ.
لعبة Grand Theft Auto III
حين صدرت لعبة Grand Theft Auto III في عام 2001، لم يكن أحد يتوقّع أن تكون هذه اللعبة نقطة التحوّل الكبرى في تاريخ صناعة ألعاب الفيديو، ولا أن تصنع مجد سلسلة بدأت بجزأين أول وثانٍ محدودي الأثر. لكنها فعلت ذلك وأكثر، وأرست معايير جديدة لألعاب العالم المفتوح لا تزال مؤثرة حتى اليوم.
قبل هذا الإصدار، كانت سلسلة GTA تعتمد على منظور علوي ثنائي الأبعاد (Top-down)، وقدّمت ألعابًا بسيطة في فكرتها، رغم جرأتها من حيث المحتوى. وعلى الرغم من حصول الجزأين الأول والثاني على بعض الاهتمام، فإن تقييماتهما كانت متوسطة، ولم تحققا نجاحًا تجاريًا لافتًا.
لكن مع إطلاق GTA III على جهاز PlayStation 2، دخلت السلسلة مرحلة جديدة كليًا. قدّمت اللعبة لأول مرة عالمًا ثلاثي الأبعاد (3D) مفتوحًا بالكامل، يُمكن للاعب التجوّل فيه بحرية، واستكشاف مدينة نابضة بالحياة تُدعى ليبرتي سيتي. تميزت اللعبة بعناصر لم تكن مألوفة حينها، من حوارات صوتية بالكامل، إلى نظام مهمات غير خطّي، وحرية لعب غير مسبوقة.
حظيت لعبة GTA III بإشادة نقدية واسعة، حيث حصلت على متوسط تقييمات يتجاوز 95/100 من معظم مواقع الألعاب الكبرى، مثل IGN وGameSpot. وُصفت حينها بأنها “ثورة حقيقية في تصميم ألعاب الفيديو”.
من الناحية التجارية، حققت اللعبة نجاحًا هائلًا، إذ باعت أكثر من 14.5 مليون نسخة حول العالم، لتصبح واحدة من أكثر الألعاب مبيعًا على جهاز PS2، وتؤسس لقاعدة جماهيرية ضخمة للسلسلة.
في الحقيقة لم تكتفِ لعبة GTA III بتحقيق أرقام مذهلة، بل ألهمت جيلًا كاملًا من المطورين، ومهّدت الطريق لسلسلة ألعاب GTA التي أصبحت واحدة من أنجح سلاسل الألعاب في التاريخ. يمكن أن نقول إنها اللعبة التي صنعت هوية Rockstar Games، وحوّلت سلسلة كانت محدودة الأثر إلى واحدة من أهم الظواهر الثقافية في عالم الألعاب. ونحن الآن ننتظر الجزء لجديد من اللعبة الذي نتوقع أنه سيحدث ثورة في صناعة الألعاب وكل هذا بسبب لعبة Grand Theft Auto III.
لعبة Rocket League
في معظم الأوقات الأفكار الغريبة تلقى العديد من التشكيك وعدم الثقة، لكن لعبة Rocket League قلبت هذه التوقّعات رأسًا على عقب، لتتحوّل من فكرة تبدو “عشوائية” إلى واحدة من أنجح وأشهر الألعاب التنافسية في العقد الأخير.
تعود جذور Rocket League إلى لعبة سابقة من تطوير نفس الفريق، Psyonix، بعنوانSupersonic Acrobatic Rocket-Powered Battle-Cars، التي صدرت عام 2008 على منصة PlayStation 3. ورغم الاسم الطويل والفكرة الفريدة، لم تحقّق تلك اللعبة نجاحًا يُذكر، بل اعتُبرت تجربة محدودة الجمهور والتأثير.
لكن الفريق لم يتخلَّ عن فكرته. بل عمل بهدوء خلال السنوات التالية على تطوير نسخة أكثر صقلًا ووضوحًا في الهوية… وهكذا وُلدت لعبة Rocket League.
صدرت اللعبة رسميًا في يوليو 2015، ولم تكن هناك حملة تسويقية ضخمة أو ضجة إعلامية تسبقها. ومع ذلك، اتخذت الشركة خطوة ذكية جدًا؛ حيث جعلت اللعبة مجانية لمشتركي PlayStation Plus عند إطلاقها، وهو ما فتح الباب لملايين اللاعبين لتجربتها في وقتٍ قياسي.
وسرعان ما انتشرت اللعبة كالنار في الهشيم، بفضل أسلوبها الفريد، مباريات كرة قدم باستخدام سيارات مدفوعة بالصواريخ، تجمع بين المهارة والسرعة والمرح في آنٍ واحد.
نجاح Rocket League تجاوز كل التوقعات حيث تمكنت اللعبة خلال شهرين فقط من الإطلاق، تجاوز عدد اللاعبين ستة ملايين لاعب. كما وصلت إلى أكثر من 75 مليون لاعب خلال السنوات التالية.
أيضًا اللعبة حققت أرباحًا تجاوزت 100 مليون دولار خلال العام الأول فقط. وفازت بجوائز متعددة، منها أفضل لعبة رياضية/سباقية في حفل The Game Awards 2015. كما أصبحت اللعبة عنوانًا رئيسيًا في عالم الرياضات الإلكترونية (Esports)، مع بطولات احترافية وجوائز مالية ضخمة.
وفي عام 2020، أعلنت شركة Epic Games استحواذها على Psyonix، وبدأت بإعادة إطلاق اللعبة كنموذج مجاني بالكامل (Free-to-Play)، ما زاد من شعبيتها وأعاد ضخ الحياة فيها من جديد. وبهذا نكون أمام قصة نجاح كبيرة جدًا بكل تأكيد لم يكن يتوقعها مطور اللعبة نفسه.
لعبة Valheim
في وقتٍ تُنفق فيه ملايين الدولارات على تطوير وتسويق ألعاب الفيديو، جاءت Valheim لتُثبت أن الشغف وحده قادر على صناعة النجاح. لعبة بدأت كعنوان صغير من فريق محدود الموارد، لتصبح في غضون أسابيع قليلة واحدة من أكثر الألعاب شعبية على منصة Steam، وتفاجئ الجميع — بما في ذلك مطوّريها أنفسهم.
طور فريق Iron Gate Studio لعبة Valheim، وهو فريق مستقل صغير يتكوّن من خمسة مطوّرين فقط عند إطلاق اللعبة. بدأت الفكرة كلعبة بقاء (Survival) في عالم مستوحى من الأساطير الإسكندنافية، حيث يستيقظ اللاعب في عالم “فالهالا” بعد موته، ويبدأ رحلة جديدة لإثبات جدارته في أرض يعجّ بها الوحوش والمخاطر.
استغرقت عملية التطوير حوالي ثلاث سنوات، ومُولت بموارد محدودة بالتعاون مع الناشر Coffee Stain Publishing، دون أي حملات ترويجية ضخمة أو دعاية سابقة للإطلاق.
في فبراير 2021، أُطلقت Valheim على منصة Steam بوصفها لعبة وصول مبكر (Early Access)، وتفاجأ الجميع بسرعة انتشارها. خلال أسبوعين فقط، تجاوزت مبيعات اللعبة مليون نسخة، وبحلول نهاية الشهر كانت قد باعت أكثر من خمسة ملايين نسخة.
والمثير أن هذا النجاح لم يكن ضمن حسابات المطوّرين؛ حيث عبّر الفريق عن دهشته الكبيرة من حجم التفاعل المجتمعي، وأكدوا أنهم لم يكونوا يتوقعون تجاوز حاجز مليون نسخة خلال العام الأول!
ما إن بدأ اللاعبون في استكشاف عالم Valheim حتى وقعوا في حب التجربة من اللحظة الأولى. رغم أن الرسومات بدت بسيطة للوهلة الأولى، فإن لها طابعًا فنيًا خاصًا يمنح العالم جوًّا من الغموض والهدوء، أشبه بلوحة حيّة تستدعي الاستكشاف. أُعجب اللاعبون بالحرية الكبيرة التي منحتها اللعبة، حيث يمكنهم بناء منازلهم، وصيد طعامهم، واستكشاف الغابات والجبال والمحيطات، بل وخوض معارك ضد كائنات أسطورية مهيبة.
دليل شامل وكامل لكي تتمكن من البناء داخل لعبة البقاء Valheim.
تحسس خطواتك الأولى في عالم Valheim الشرس مع هذا الدليل التعريفي.
التجربة التعاونية أضافت بُعدًا خاصًا، إذ أصبح بوسع الأصدقاء أن يتشاركوا المغامرة، ويبنوا قرى صغيرة، ويواجهون التحديات معًا، لذلك اللعبة هي أقرب إلى “عالم مشترك” تنسجه ذكريات اللعب الجماعي أكثر من مجرد مهام مكتوبة.
ومع كل هذا، حافظت اللعبة على توازن ذكي بين الاسترخاء والتحدي؛ فهي لا تفرض عليك القتال طوال الوقت، لكنها تُكافئك على الجرأة والاستكشاف. كل تفصيلة فيها — من نظام البناء، إلى التقدّم، وحتى أصوات الرياح والأمطار — اجتمعت لتخلق تجربة أصيلة وشخصية، وجعلت Valheim بالنسبة لكثيرين أكثر من مجرد لعبة… بل ملاذًا.
لعبة Pokemon GO
في صيف عام 2016، شهد عالم الألعاب ظاهرة لم يشهد لها مثيل من قبل. فجأة، امتلأت الشوارع والحدائق والساحات العامة بلاعبين يتجوّلون بهواتفهم، يتتبعون كائنات خفية لا يراها سوى من ينتمي إلى عالم جديد اسمه: Pokémon GO.
لم تكن هذه مجرّد لعبة، بل كانت ثورة حقيقية في مفهوم التفاعل بين العالم الافتراضي والواقع. فكرة وُلدت من حلم بسيط: ماذا لو تمكّنا من اصطياد البوكيمونات في العالم الحقيقي؟
بدأت القصة حين اجتمعت شركة Niantic، المعروفة بتطوير ألعاب تعتمد على الواقع المعزز، مع The Pokémon Company وNintendo، بهدف تطوير تجربة بوكيمون مختلفة كليًا. كانت Niantic قد طوّرت سابقًا لعبة تعتمد على الاستكشاف الواقعي تُدعى Ingress، والتي شكّلت الأساس التكنولوجي لـ Pokémon GO.
وبعد شهور من العمل، وبموارد متواضعة نسبيًا مقارنةً بكبرى ألعاب الهواتف، أُطلقت اللعبة في يوليو 2016. لم يتوقّع أحد حينها أن تتحوّل هذه التجربة البسيطة إلى أكبر انفجار جماهيري في تاريخ ألعاب الهواتف الذكية.
منذ الأيام الأولى للإطلاق، شهدت اللعبة إقبالًا جنونيًا. احتلّت المرتبة الأولى في متاجر التطبيقات خلال ساعات، وأحدثت حالة من الهوس الجماعي لم تُشهد من قبل. الملايين بدأوا يتجولون في الشوارع، يطاردون البوكيمونات عبر كاميرات هواتفهم، ويمرّون على أماكن واقعية تحوّلت إلى “PokéStops” و”Gyms”.
بل أن مشاهد الغرباء وهم يتقاطعون في الأماكن العامة ويتبادلون المعلومات حول أماكن ظهور كائنات نادرة أصبحت جزءًا من الحياة اليومية في تلك الفترة.
نجحت اللعبة في كسر القاعدة التقليدية لألعاب الهواتف، التي تعتمد على الجلوس والتفاعل مع شاشة مغلقة. فبدلًا من ذلك، جعلت اللاعب جزءًا من اللعبة نفسها. أصبح موقعك الجغرافي وسيلة للاكتشاف، والمشي جزءًا من أسلوب اللعب، والتفاعل الاجتماعي عنصرًا أساسيًا في التجربة.
وبالرغم من أن اللعبة انطلقت بأفكار بسيطة نسبيًا، فإنها جمعت بين الحنين إلى شخصيات البوكيمون المحبوبة، والابتكار التكنولوجي باستخدام الواقع المعزز، وروح المغامرة والاستكشاف.
حققت اللعبة في أسبوعها الأول أكثر من عشرة مليون تحميل، وتجاوز عدد المستخدمين النشطين يوميًا حاجز 45 مليون لاعب في وقتٍ قياسي. أما من الناحية المالية، فحققت Pokémon GO أكثر من 100 مليون دولار في أول شهر، وتجاوزت عائداتها خلال السنوات التالية سبعة مليارات دولار حتى عام 2025.
ولم تتوقّف عند ذلك، بل استمرت اللعبة في التطوّر عبر التحديثات، والفعاليات الموسمية، وإضافة أجيال جديدة من البوكيمونات، ما حافظ على قاعدة جماهيرية ضخمة ونشطة حتى اليوم.
حسنًا، كانت هذه قائمتنا لألعاب حققت نجاحًا هائلًا لم يتوقعه حتى مطوروها أنفسهم. كما نرى، ضمّت القائمة عددًا من العناوين التي وصلت إلى قمة النجاح على الرغم من محدودية الموارد والإنتاج، بل إن بعضها طُوّر على يد شخص واحد أو اثنين فقط.ومع ذلك تمكنت من قلب صناعة الألعاب كلها رأسًا على عقب، وهو ما يؤكد أن الفكرة والإبداع أهم دومًا من الأموال والإنتاج الضخم.
?xml>