مسؤولون كبار يقولون إن الهجوم البري على غزة سيبدأ “قريبا”، ويحذرون من أنه سيكون “طويلا ومكثفا”

تحدث مسؤولون إسرائيليون كبار عن احتمال شن حملة برية وشيكة واسعة في قطاع غزة للقضاء على حركة حماس يوم الخميس، وقاموا بسلسلة من الزيارات لجنود الجيش الإسرائيلي المتمركزين بالقرب من القطاع وتوقعوا أن القتال سيكون “ صعبا وطويلا ومكثفا”، لكن إسرائيل ستنتصر في النهاية، كما قالوا.
وقال وزير الدفاع يوآف غالانت للقوات بالقرب من غزة أن الأوامر بدخول القطاع الفلسطيني الذي تديره حماس ستأتي “قريبا”.
وأضاف غالانت في حديثه مع قوات لواء “غفعاتي”: “أنتم الآن ترون غزة من بعيد، وقريبا سترونها من الداخل”، مضيفا “الأوامر ستأتي”.
كما قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بزيارة إلى الخطوط الأمامية، وحشد مجموعة من جنود “غولاني” بالقرب من حدود غزة وقال لهم إن إسرائيل في طريقها لتحقيق نصر كبير.
وقال نتنياهو لمجموعة الجنود: “سننتصر بكل قوتنا. كل إسرائيل تقف خلفكم، وسوف نضرب أعداءنا بشدة حتى نتمكن من تحقيق النصر”.
وقال قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، اللواء يارون فينكلمان، إن الهجوم البري المتوقع سيكون “طويلا ومكثفا”.
وقال فينكلمان للقوات بالقرب من حدود غزة “لقد فُرضت علينا هذه الحرب مع عدو قاس ألحق بنا ضررا كبيرا. لكننا أوقفناهم… نحن نضربهم بشدة”.
وزير الدفاع يوآف غالانت يتحدث إلى القوات بالقرب من حدود غزة، 19 أكتوبر، 2023. (Ariel Hermoni/Defense Ministry)
وأضاف “الآن ستنقل المناورة القتال إلى أراضيهم. سنهزمهم في أراضيهم. سيكون الأمر صعبا وطويلا ومكثفا”.
وتحمل غالانت أيضا مسؤولية الفشل في منع هجوم حماس على جنوب إسرائيل، متحدثا في موقع تجمع عسكري بالقرب من حدود غزة.
وقال غالانت “أنا مسؤول عن مؤسسة الدفاع. لقد كنت مسؤولا عنها في الأسبوعين الأخيرين، حتى في الأحداث الصعبة، وأنا مسؤول عن تحقيق النصر في المعركة”.
وأضاف : “سنكون دقيقين وفتاكين وسنستمر حتى نكمل المهمة”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يلتقي بجنود غولاني بالقرب من الحدود مع غزة، 19 أكتوبر، 2023. (Avi Ohayon/GPO)
وحثت إسرائيل خلال الأسبوع الماضي جميع سكان شمال غزة، حوالي مليون نسمة، على الإخلاء إلى وسط وجنوب القطاع بينما تستعد لتكثيف العمليات في شمال القطاع. وقد فعل مئات الآلاف ذلك، بحسب الجيش، على الرغم من أن حماس حثتهم على عدم مغادرة منازلهم وفي بعض الحالات قامت بوضع حواجز على الطرق.
وفي علامة أخرى على أن بدء الهجوم البري قد يكون وشيكا، ترأس نتنياهو اجتماعا لمجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت)، الهيئة التي يجب أن توافق على التوغل البري، مساء الخميس. ولقد انعقد المنتدى عدة مرات طوال فترة الحرب بالفعل.
اندلعت الحرب بعد الهجمات التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر، والتي شهدت تسلل أكثر من 2500 مسلح الحدود إلى إسرائيل من قطاع غزة عن طريق البر والجو والبحر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين.
كما احتجز المسلحون ما لا يقل عن 203 رهائن من جميع الأعمار وقاموا نقلهم إلى غزة.
واستدعت إسرائيل 360 ألف جندي احتياط في أعقاب المذبحة وتعهدت بالقضاء على حماس، التي أصبحت الحاكم الفعلي للقطاع منذ عام 2006.
ومع حشد الدبابات والأسلحة بالقرب من حدود غزة، أشارت التقارير إلى أن الجيش ينتظر الضوء الأخضر من القيادة السياسية.
شهدت الأيام الأخيرة ضغوطا متزايدة على الحكومة لوضع استراتيجية واضحة لكيفية تخطيطها لتجنب التورط في عملية إعادة احتلال طويلة للقطاع، مع ضمان ألا يعود القطاع الفلسطيني تحت إدارة حركة حماس وألا يشكل تهديدا.

فلسطينيون يتفقدون الدمار بعد غارة جوية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة، 19 أكتوبر، 2023. (Atia Khaled/Flash90)
وطالب رئيس حزب “الوحدة الوطنية” بيني غانتس وزميله في الحزب غادي آيزنكوت، اللذان انضما إلى الائتلاف الأسبوع الماضي لتشكيل حكومة طوارئ في زمن الحرب، بوضع استراتيجية للخروج من غزة وكلفا لجنة بإعدادها، حسبما قال مسؤول إسرائيلي لـ”تايمز أوف إسرائيل” في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وقال المسؤول الإسرائيلي ومسؤول أمريكي في ذلك الوقت إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تضغط بشكل خاص على إسرائيل لتوضيح استراتيجية الخروج الخاصة بها. وقال المسؤول الأمريكي إن نتنياهو ودائرته الداخلية أشاروا لنظرائهم الأمريكيين إلى أن إسرائيل لم تتوصل بعد إلى مثل هذه الاستراتيجية وأنها تركز أكثر على الهدف المباشر المتمثل في إزالة حماس من السلطة في غزة.
يوم الأربعاء، حذر بايدن إسرائيل من التورط في غزة إلى أجل غير مسمى، مشيرا إلى تجارب الولايات المتحدة في أفغانستان بعد غزوها عام 2001 للإطاحة بحركة طالبان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
وقال بايدن في تل أبيب “يجب تحقيق العدالة”، مضيفا “لكنني أحذركم: بينما تشعرون بهذا الغضب، لا تسمحوا له بأن يسيطر عليكم. بعد 11/9، شعرنا بغضب شديد في الولايات المتحدة، وبينما سعينا لتحقيق العدالة وحصلنا على العدالة، ارتكبنا أخطاء أيضا”.
وفي تجسيد لعدم الارتياح إزاء احتمال خروج الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس عن مسارها بسبب خسائر مدنية، حذر بايدن من أن القيادة في زمن الحرب “تتطلب الوضوح بشأن الأهداف وتقييما صادقا حول ما إذا كان المسار الذي تسلكه سيحقق تلك الأهداف”.
بحسب هيئة البث الإسرائيلية “كان”، أمرت القيادة السياسية الجيش بإبطاء أو تعليق النشاط في غزة خلال زيارة بايدن، ويُعتقد أن القدس كانت تفضل الانتظار إلى ما بعد زيارة بايدن لوضع قوات على الأرض في غزة.
القتال، الذي بدا بالفعل أنه تراجع خلال زيارة بايدن لإسرائيل يوم الأربعاء، استؤنف بكامل قوته ليل الأربعاء والخميس، مع غارات جوية إسرائيلية واسعة النطاق على أهداف تابعة لحماس في القطاع، وإطلاق الفصائل الفلسطينية وابلا متكررا من الصواريخ باتجاه وسط وجنوب إسرائيل.

الأضرار التي لحقت بسيارة في سديروت جراء هجوم صاروخي في 19 أكتوبر، 2023. (Sderot municipality)
وكان هناك أيضا تبادل متزايد لإطلاق النار والهجمات الصاروخية على الحدود اللبنانية، مما أدى إلى تفاقم المخاوف من أن منظمة حزب الله القوية المدعومة من إيران قد تفتح جبهة حرب جديدة، والتي هددت هي وطهران بفتحها إذا دخلت إسرائيل غزة.
في كريات شمونا، أصيب ثلاثة أشخاص بجروح جراء سقوط صاروخ على منزل، فيما يبدو أنه أخطر هجوم على المدينة منذ عام 2006.
في مؤتمر صحفي في الأسبوع الماضي، أشار مسؤول عسكري إلى أن الظروف على الحدود الشمالية يمكن أن تؤثر على عملية صنع القرار في الجيش الإسرائيلي بشأن موعد بدء التوغل العسكري.

فلسطينيون في مخيم مؤقت أقيم لسكان غزة الذين تم إجلاؤهم من منازلهم، على أرض منشأة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في خان يونس، جنوب قطاع غزة، 19 أكتوبر، 2023. (Abed Rahim Khatib/Flash90)
وقد جلب احتمال الغزو البري معه مخاوف من أن الوضع الإنساني المتردي في القطاع قد يتفاقم. ومن المتوقع أن يبدأ تسليم المساعدات للمدنيين في غزة يوم الجمعة، حيث من المقرر أن يتم افتتاح معبر رفح مع مصر.
بعد ضغوط مارستها واشنطن، أعلنت إسرائيل أنها ستسمح بوصول المياه والدواء والغذاء إلى جنوب غزة من مصر، مما أثار غضب بعض أفراد عائلات الإسرائيليين المحتجزين في غزة، الذين طالبوا بتنازلات لأحبائهم مقابل أي خطوة من هذا القبيل.
استمرت الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة يوم الخميس، إلى جانب إطلاق صواريخ مكثف من قبل مسلحين باتجاه المدن والبلدات الإسرائيلية، بما في ذلك منطقة تل أبيب.
وتم إطلاق الصواريخ في وقت متأخر من بعد الظهر والمساء باتجاه مدن من بينها حولون وريشون لتسيون وبئر السبع وسديروت وأشدود وأشكلون، بالإضافة إلى التجمعات السكنية الحدودية مع غزة.
وسقط صاروخان في سديروت، مما أدى إلى وقوع أضرار دون وقوع إصابات. ولقد غادرت الغالبية العظمى من السكان المدينة الحدودية منذ مذبحة 7 أكتوبر.
أفادت تقارير عن مقتل ثلاثة من كبار المسؤولين في الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة فجر الخميس. وقال الجيش الإسرائيلي إن غارة جوية في مدينة رفح جنوب غزة أدت إلى مقتل رأفت أبو هلال، رئيس الجناح العسكري لحركة لجان المقاومة الشعبية في غزة، ثالث أكبر فصيل في القطاع بعد حماس والجهاد الإسلامي.
وذكرت وسائل الإعلام التابعة لحماس في غزة أن جميلة الشنطي، أرملة المؤسس المشارك لحركة حماس عبد العزيز الرنتيسي، قُتلت أيضا في غارة إسرائيلية.

المسؤولة في حركة حماس جميلة الشنطي في صورة غير مؤرخة. (Social media)
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية أن قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في قطاع غزة قُتل في غارة جوية إسرائيلية.
وتقول وزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس في غزة إن ما لا يقل عن 3785 شخصا قُتلوا منذ أن بدأت إسرائيل غاراتها الجوية.
وقالت الوزارة إن حوالي 1524 طفلا و1000 امرأة من بين القتلى في الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة، زاعمة أن 12493 شخصا آخرين أصيبوا.
وشككت إسرائيل وهيئات دولية أخرى في مزاعم حماس بشأن حصيلة القتلى والجرحى في غزة. وقالت القدس إن حوالي 1500 مسلحا قُتلوا في الأراضي الإسرائيلية بعد هجوم حماس المباغت في 7 أكتوبر.
ساهم في هذا التقرير جيكوب ماغيد، لازار بيرمان، تايمز أوف إسرائيل ووكالات.