اخبار الإمارات

4 سيناريوهات تحدد مستقبل السودان

دخان القصف يتصاعد جنوب الخرطوم (أف ب)

السبت 20 مايو 2023 / 22:13

تتعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الاقتتال المستمر في السودان منذ أكثر من شهر بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي”، الأمر الذي يهدد البلاد بفوضى عارمة.

السودان عند منعطف، هو الأخطر ربما منذ استقلالها عام 1956

لم تفاجئ المعارك التي اندلعت في الخرطوم قبل أشهر مراقبين كثراً كانوا يتابعون التجاذبات بين القائدين العسكريين المتخاصمين، إلا أن ما كان صادماً هو حدة المعارك واتساع نطاقها إلى مناطق واسعة في ثالث أكبر الدول الأفريقية، وهو ما أدى إلى مقتل ألف شخص حتى الآن، وتهجير أكثر من مليون آخرين.
والمقلق أن لا شيء حتى الآن يُوحي بنهاية وشيكة للصراع، الذي قد يسوء أكثر ويتمدد في أكثر من اتجاه.
ومع تعثر الجهود التي قادتها الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، حاول خبراء سودانيون، بينهم مسؤولون حكوميون سابقون ودبلوماسيون غربيون، رسم مسار الصراع ومدى السوء الذي قد أن يصل إليه.
وفي المقابلات التي أجرتها صحيفة “نيويورك تايمز”، اتفق الجميع على شيء واحد، هو أن الآفاق قريبة المدى قاتمة للغاية.
ووفقاً لهؤلاء ثمة سيناريوات عدة محتملة لهذه الحرب.

الأول: انتصار الجيش وعودة الحكم الاستبدادي

حتى الآن، يبدو أن الفريقين متعادلان من ناحية القوة العسكرية، ولا أحد منهما قادر على توجيه الضربة القاضية لخصمه. فالجيش السوداني ربما يملك ضعفي حجم قوات “الدعم السريع”، وطائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر ودبابات،ولكن قوات الدعم السريع أكثر حنكة وتمرساً في القتال، ويمكنها التحرك بسرعة، باستخدام شاحنات صغيرة بمدافع ثقيلة.
وتدور المعارك الرئيسية حالياً في الخرطوم، التي إذا سيطر عليها الجيش، سيلقى على الأرجح ترحيباً من السكان، إلا أن النصر لن يكون سهلاً.
وللتغلب على قوات الدعم السريع، سيكون على الجيش تكثيف الغارات الجوية التي سوّت بالأرض جزءاً كبيراً من وسط الخرطوم. وليكتمل فوزه، سيكون على الجيش اعتقال أو قتل حميدتي وشقيقه القوي عبدالرحيم دقلو، وإلا يمكن أن تنسحب فلول “الدعم السريع” إلى معقلها في دارفور بغرب السودان، وتطلق تمرداً جديداً من هناك.
ويدّعي كلا الجانبين بأنه يريد مستقبلاً ديمقراطياً للسودان، ولكن انتصار الجيش قد يدفع البلاد مجدداً إلى الاستبداد، على نسق حكم الرئيس عمر البشير الذي أطيح بانتفاضة شعبية عام 2019.
كذلك، يمكن انتصار الجيش أن يسهل عودة الإسلاميين الموالين للبشير والمحافظين الذين قد يسعون للسيطرة على الحكم مجدداً.

الثاني: انتصار قوات الدعم السريع: زلزال سياسي

ويقول خبراء إن انتصار قوات الدعم السريع قد يحدث زلزالاً سياساً في البلاد. فمع أن هذه القوات قد تصف انتصارها بأنه ثورة سياسية ضرورية، إلا أنها ستواجه مشاكل للحصول على دعم واسع، كما سيؤدي انتصار “الدعم السريع” إلى تدخل دول الجوار أكثر في النزاع، وحتى روسيا إذ تنقب مجموعة “فاغنر” المقربة من الكرملين عن الذهب في السودان وتستخدم أراضيه للعبور إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تقاتل إلى جانب القوات الحكومية.

الثالث: طريق مسدود

السيناريو الأكثر تقلباً يتعلق ببلد منقسم يسيطر كل فريق على مناطق مختلفة فيه، ولا يستطيع أي منهما تحقيق نصر حاسم، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار مؤسسات الدولة، وتدخل قوى غربية .
ويبدو أن ثمة جهات بدأت التدخل فعلاً، وتنسب الصحيفة إلى مسؤولين أمريكيين أن “فاغنر” عرضت صواريخ أرض-جو لقوات الدعم السريع في الأيام الأولى للمعارك.
وقد ترغب دول بحماية مصالحها في السودان، حيث استثمرت الإمارات والسعودية مليارات الدولارات في السودان، معتبرة إياه قاعدة إمدادات غذائية محتملة في المستقبل. وقد ترغب دول الجوار مثل مصر أو إثيوبيا أو إرتيريا في التدخل أيضاً.
ويحذر التقرير من أن الطريق المسدود قد يؤدي إلى تمزق السودان تحت وطأة الضغوط الداخلية، ذلك أن عقوداً من النزاعات المدنية أدت إلى ظهور العديد من المجموعات المسلحة في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. ومع أن هذه الفصائل بقيت بعيدة عن الحرب حتى الآن، فإنه يمكن أن تنضم إلى الفوضى بسهولة لتصفية حسابات وحماية مصالحها.

حل تفاوضي: أمل بعيد حتى الآن

لم تنجح الجهود التي بذلها مفاوضون سعوديون وأمريكيون في جدة في التوصل إلى اتفاق لوقف النار. وحتى الأمل في تمهيد الطريق لنشر قوة لحفظ السلام في السودان، وعلى الأرجح من الاتحاد الافريقي، لا يزال احتمالاً بعيداً أيضاً.
وتقول الصحيفة إن أي سلام حقيقي يجب أن يضم الجماعات المؤيدة للديمرقراطية، التي استبعدت حتى الآن من محادثات جدة.
في الختام، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإنه أياً كان مصير السودان، يحذر خبراء من أن البلاد عند منعطف، هو الأخطر، ربما منذ استقلالها عام 1956، وذلك بعد عمليات تمرد واسعة وانقلابات وموجات من العنف.
وقال إندري ستيانسن سفير النرويج في السودان في مقابلة: “لا يمكنك استبعاد أي شيء، لهذا السبب يجب تضامن الجانبين لوقف القتال”.