منوعات

الحمى.. علامة صحة في وجود المرض


إعداد: ليلى إبراهيم شلبي


نشر في:
الجمعة 22 ديسمبر 2023 – 6:57 م
| آخر تحديث:
الجمعة 22 ديسمبر 2023 – 6:57 م

الحمى هى القاسم المشترك بين أعراض الأمراض التى تسببها الفيروسات والباكتيريا والميكروبات المختلفة حينما تهاجم الإنسان لأنها فى الواقع علامة سلامة جهاز المناعة الذى يتصدى للدفاع عن الجسم فى مواجهة الهجوم الذى يتعرض له.
تتراوح درجة حرارة الجسم الطبيعية للإنسان بين ٣٦٫٣ إلى ٣٧٫٣ درجة مئوية إذا ما قيست من الفم يخصم منها نصف درجة إذا ما قيست من فتحة الشرج ــ غالبا عند الأطفال ــ ويضاف إليها نصف درجة إذا ما قيست من تحت الإبط.
يحتفظ الجسم بحرارته الداخلية فى الحدود الطبيعية نتيجة عوامل متعددة تحت تحكم وسيطرة مركز للحرارة يقع فى قاع الجمجمة فى منطقة تسمى الهيبوثلامس ويقوم بعمل الترموستات.
إذا ارتفعت درجة الحرارة فى الجو أصدر أوامره إلى الأوعية الدموية الطرفية المنتشرة فى الجلد لتتسع ومعها تزداد القدرة على إفراز العرق الذى يتبخر مؤديا لانخفاض درجة حرارة الجسم.
وعلى العكس إذا انخفضت درجة حرارة الجو فإنه يصدر أوامره لذات الأوعية الدموية الطرفية فتنقبض ويقل إفراز العرق مما يحافظ على كمية الحرارة الداخلية فيقاوم البرد.
تتوقف درجة حرارة الجسم على ثبات توازن دقيق بين:
< الحرارة الناتجة عن عمليات التمثيل الغذائى. الهدم والبناء والنشاط العضلى والحرارة التى يكتسبها الجسم من البيئة المحيطة به.
< الحرارة التى يفقدها الجسم من العمليات الحيوية المختلفة عن طريق الرئة فى التنفس والبول وعبر الكلى والعرق من خلال مسام الجلد.
<<< كفتا ميزان يقيم العدل بينهما مركز تنظيم الحرارة فى المخ فى الأحوال الطبيعية بصورة دائمة ومستمرة.
عندما يهاجم الميكروب (الباكتيريا أو الفيروس) الجسم فإن آليات الدفاع تبدأ فى محاصرة سبب العدوى بكل الوسائل التى تملكها فتدق المعركة بين الخلايا المناعية والعنصر المعتدى فتفرز الخلايا عددا من المواد الكيميائية مثل الأنتيروفيرون والأنترلوكين التى يتأثر بها التوازن الحرارى فى الجسم وترتفع الحرارة إلى معدل قد يصل إلى أربعين درجة مئوية وربما تخطاها.
الحمى علامة صحة وإشارة إلى أن الجهاز المناعى للإنسان يعمل بكفاءة لكن استمرارها فيه أبلغ الضرر على أجهزة الإنسان لذا يجب التحكم فيها بعلاج سببها ومعرفة التشخيص بدقة.
يصاحب ارتفاع درجة الحرارة العديد من العوارض مثل:
ــ زيادة معدل ضربات القلب بصورة تتفاوت وحدة الأعراض.
ــ غزارة العرق.
ــ فقدان الشهية.
ــ الصداع وآلام العظام.
ــ قلة الناتج من البول.
ــ جفاف الجلد وتشققه وربما تقشره فى بعض المواضع.
ــ الهذيان إذا ما استمرت درجة الحرارة فى الارتفاع لمعدلات عالية.

المبادئ الأساسية لعلاج الحمى:
< أول المبادئ الأساسية لعلاج ارتفاع درجة الحرارة هو معرفة التشخيص السليم لسبب الحمى. لذا يجب أن يتفادى الإنسان محاولة علاج نفسه بنفسه فيبدأ بالأدوية المخفضة لدرجة الحرارة مثل الأسبرين دون الرجوع للطبيب فتضيع فرصة معرفة السبب الحقيقى للمرض بغياب الحرارة مؤقتا خاصة إذا ما ألحقه ببعض المضادات الحيوية المعروفة دون اللجوء للخيار الصحيح الذى يتم أحيانا وفقا لحساسية الميكروب للمادة الفعالة فى المضاد الحيوى.
< تشترك كل الأمراض التى تصاحبها الحمى فى ضرورة تعويض السوائل التى فقدها الجسم سواء بالفم أو عن طريق الوريد إلى جانب تناول بعض الفيتامينات والمعادن التى تدعم عمل جهاز المناعة مثل الفيتامينات المضادة للأكسدة ومعادن الزنك وعناصر السلينيوم.
< العلاج النوعى لمسببات الأمراض كالأمصال فى حالات الدفتيريا والتيتانوس والمضادات الحيوية فى حالات الحميات التى تسببها الباكتيريا لكنها لا تجدى فى حالات الإصابة بالفيروسات إلا إذا تعقدت الأمور فصاحبت العدوى الفيروسية عدوى بكتيرية أيضا.
< العلاج الاختيارى مثل استخدام السالسيلات لعلاج الحمى الروماتيزمية مع إضافة الكورتيزون أو الكلوركين فى حالات الملاريا.
< مراعاة الشروط الصحية فى حجرة مريض الحمى أمر يساعد على سرعة شفائه ويحد من خطر انتقال العدوى ــ إذا ما كان المرض معديا ــ ضرورة أن تكون جيدة التهوية نظيفة هادئة حتى تتهيأ للمريض الراحة الجسدية والنفسية.
< من الوسائل المفيدة الطبيعية عمل حمام من الماء الفاتر والصابون ومراعاة تجفيف الجسم جيدا واستخدام بودرة التلك لتفادى حدوث مضاعفات مزعجة مثل قرح الفراش فى حالة إذا ما اضطر المريض لملازمة الفراش لفترات طويلة.
< الملاحظة الذكية لمن يقوم بتمريض المصاب بالحمى وتسجيل ملاحظاته الحيوية بدقة كالنبض والتنفس والحرارة تفيد كثيرا فى تتبع المرض والتكهن بمستقبله ومراعاة نظافة الفم والأسنان ومضمضة الفم بالماء المضاف إليه بيكربونات الصودا يفيد كثيرا فى زيادة إقبال المريض على الطعام ورغبته فى العودة إلى طبيعته.
تتفاوت الأعراض وتختلف صور المرض لكن تظل الحمى علامة على سلامة الجهاز المناعى فيسجل الترمومتر تصاعد وقائع المقاومة فى مواجهة الغزو لكن التدخل أمر واجب لتعود الأمور إلى نصابها ويعاود ميزان الحرارة تسجيل عودة طبيعية إلى حدود ٣٧ درجة مئوية هى درجة حرارة الجسم الطبيعية.
* * *
وزائرتى كأن بها حياء… فليس تزور إلا فى الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا… فعافتها وباتت فى عظامى
يضيق الجلد عن نفسى وعنها.. فتوسعه بأنواع السقام
الحمى كما وصفها أبو الطيب المتبنى فصدق وإن كان الكذب داء الشعراء وسر فنونهم.
* * *