منوعات

المحتوى المضلل والرسائل المقلقة.. كيف تؤثر خوارزميات التواصل على قلق الحوامل؟




رنا عادل



نشر في:
الجمعة 5 سبتمبر 2025 – 12:18 م
| آخر تحديث:
الجمعة 5 سبتمبر 2025 – 12:18 م

مع تطور خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، وتركيزها على تفاعلات وتفضيلات الأشخاص وتفاصيل حياتهم، لم تعد هذه المنصات مجرد مساحة لمشاركة اللحظات الشخصية، بل أصبحت مصدرًا مؤثرًا في تشكيل العديد من التجارب، ومنها الحمل والأمومة.

فبينما تقدم هذه المنصات محتوى داعمًا وتجارب واقعية، يشير تقرير حديث نشرته صحيفة الجارديان إلى أن كثافة المحتوى السلبي والمضلل قد تجعل من الحمل فترة مثقلة بالخوف والقلق المستمر.

* الخوارزميات تعرف أسرارك

يوضح التقرير أن تجارب واسعة أظهرت أن الخوارزميات تلتقط مؤشرات الحمل المبكرة من تفاعلات المستخدمين، مثل مشاهدة مقاطع اختبارات الحمل أو البحث عن الفيتامينات، لتستنتج أن المرأة على وشك إنجاب طفل، أحيانًا حتى قبل أن تتمكن من إخبار أسرتها أو المقربين بذلك!

وخلال فترة قصيرة، تتحول الصفحات إلى سيل من المحتوى المرتبط بالحمل. لكن هذا المحتوى لا يقتصر على النصائح أو القصص الإيجابية، بل يمتد إلى فيديوهات عن الإجهاض، الولادات المبكرة، والتجارب القاسية، ما يرفع مستويات القلق لدى النساء الحوامل.

* 300 ألف فيديو عن الإجهاض

على منصة واحدة مثل “تيك توك” يوجد أكثر من 300 ألف فيديو تحت وسم “إجهاض”، وحوالي 260 ألف فيديو آخر تحت وسم “التوعية بالإجهاض”. بعض هذه المقاطع يتجاوز نصف مليون مشاهدة، بينما تصل أخرى إلى ما يقارب 5 ملايين مشاهدة، ما يوضح حجم انتشار هذه الظاهرة ومدى تفاعل الجمهور معها.

وحين تلتقط الخوارزميات مؤشرات الحمل لدى مستخدمة ما، قد تبدأ في دفع هذا النوع من المحتوى إليها بشكل مكثف.

* دراسات تؤكد الأثر النفسي

في أغسطس 2024، توصلت مراجعة علمية شملت الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا إلى أن وسائل التواصل توفر دعمًا وتثقيفًا، لكنها في الوقت نفسه ترتبط بزيادة القلق وانتشار المعلومات المضللة والاستخدام المفرط.

كما أظهرت دراسة نشرت في مجلة Midwifery أن وقت استخدام النساء الحوامل لوسائل التواصل يرتفع بشكل ملحوظ ويبلغ ذروته في الأسبوع العشرين من الحمل. ووجدت الدراسة أن 10.5% من المشاركات ظهرت عليهن علامات إدمان وسائل التواصل وفق مقياس “إدمان التواصل الاجتماعي” في بيرجن، وهو ما انعكس سلبًا على حياتهن اليومية.

* فجوة صحية خطيرة

كشف تحليل صادر عن هيئة الصحة الوطنية عام 2024 عن فجوة مقلقة في الرعاية، إذ أظهر أن النساء السود في بريطانيا أكثر عرضة بما يصل إلى ستة أضعاف لمضاعفات خطيرة أثناء الولادة مقارنة بالنساء البيض.

ورغم أن هذه البيانات مهمة لرفع الوعي بالمخاطر الصحية الحقيقية، فإن خوارزميات وسائل التواصل قد تستخدمها لتغذية المحتوى الموجّه بحسب هوية كل مستخدمة، فتغرق النساء السود تحديدًا بمقاطع وتجارب سلبية، ما يحول المعلومة الطبية إلى مصدر متكرر للذعر والضغط النفسي بدلًا من أن تكون أداة للتثقيف والتمكين.

* لماذا يربح الخوف؟

ووفق خبراء التقنية، فإن السبب يعود إلى أن الخوارزميات مبنية على مبدأ “الانتباه كمصدر دخل”. فالمحتوى الصادم أو المثير للخوف يضاعف التفاعل ويطيل مدة المشاهدة أكثر من المحتوى الإيجابي، ما يحوله إلى مادة مربحة للمنصات. وبالتالي، فإن ظهوره بكثرة ليس عشوائيًا، بل استراتيجية تجارية مدروسة.

* إصلاح الخوارزميات ضرورة

وتوصي بعض الدراسات بضرورة إعادة تصميم المنصات لتقديم محتوى أكثر إيجابية ودقة في موضوعات حساسة كالحمل والصحة والحداد. كما يطرح الباحثون خيارات مثل:

– إتاحة شفافية أكبر للمستخدمين حول أسباب ظهور محتوى معين.

– توفير إمكانية “إعادة ضبط” الخوارزميات.

– فرض معايير حماية أقوى للفئات الهشة عبر السياسات العامة.