منوعات

خرافات الشتاء الصحية.. متى تفيد العلاجات الشعبية ومتى تتحول إلى خطر؟‬


سلمى محمد مراد


نشر في:
الإثنين 15 ديسمبر 2025 – 10:26 ص
| آخر تحديث:
الإثنين 15 ديسمبر 2025 – 10:26 ص

مع دخول فصل الشتاء، تعود العلاجات الشعبية لتتصدر المشهد الصحي داخل البيوت، من الزنجبيل والليمون، إلى المشروبات الساخنة والبخار، وسط اعتقاد شائع بأنها قادرة على علاج نزلات البرد والإنفلونزا.

لكن بين ما هو مدعوم علميًا وما هو مجرد خرافة متوارثة، تبرز الحاجة إلى التمييز بين تخفيف الأعراض وعلاج المرض.

وفي هذا الشأن، يوضح الدكتور مجدي حلمي، أخصائي التغذية العلاجية، في تصريحات خاصة لـ”الشروق” حقيقة أشهر المعتقدات الغذائية المرتبطة بالشتاء، كاشفًا ما يفيد منها فعلاً، وما قد يضر عند الإفراط أو سوء الاستخدام.

علاجات شعبية لها أساس علمي ولكن بشروط

يؤكد الدكتور مجدي، أن بعض العلاجات الشعبية الشائعة تمتلك أساسًا علميًا حقيقيًا، لكنها لا تعالج العدوى الفيروسية نفسها، وإنما تساهم فقط في تخفيف الأعراض ودعم راحة الجسم أثناء فترة المرض.

ويشير إلى أن الزنجبيل، على سبيل المثال يحتوي على مركبات فعالة مثل الجنجرول والشوجاول، وهي مواد مضادة للالتهاب تساعد في تهدئة احتقان الحلق والغثيان، لكنه لا يرفع المناعة كما يعتقد البعض.

أما العسل، فيصفه بأنه مضاد ميكروبي طبيعي، يهدئ الكحة ويخفف التهاب الحلق، ويكون فعالًا خاصة لدى الأطفال فوق عمر السنة.

بينما يُعد الليمون مصدرًا جيدًا لفيتامين C، يساهم في تقليل شدة الأعراض وتقصير مدة نزلات البرد بشكل محدود.

ويضيف أن السوائل الدافئة لها دور مثبت علميًا في ترطيب الأغشية المخاطية، والمساعدة على التخلص من المخاط وتحسين التنفس، في حين يفيد البخار في ترطيب مجرى التنفس، لكنه لا يعالج العدوى نفسها.

خرافات شتوية شائعة، ولماذا تستمر؟

ورغم هذه الفوائد الجزئية، يحذر أخصائي التغذية العلاجية من الانسياق وراء خرافات غذائية تنتشر بكثافة خلال الشتاء، مثل الاعتقاد بوجود مشروب يشفي البرد أو وصفة قادرة على القضاء على الفيروس، ويؤكد أن الجسم هو المسئول الأول عن مقاومة العدوى، وليس المشروبات أو الأعشاب.

كما ينفي الاعتقاد بأن المشروبات الساخنة ومنها شوربة الدجاج على سبيل المثال قادرة على مقاتلة الفيروسات، موضحًا أنها تعمل فقط على تخفيف الأعراض، من خلال فتح الجيوب الأنفية، وتهدئة الحلق، وتقليل المخاط، وتحسين ترطيب الجسم، دون التأثير على العدوى نفسها.

وينطبق الأمر ذاته على الزيوت العطرية، التي قد تُحسن التنفس مؤقتًا، لكنها لا تعالج المرض، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الخرافات يعود في الأساس إلى الانتشار الشعبي وتجارب شخصية يشعر فيها المرضى بالتحسن نتيجة الراحة، لا بسبب تأثير علاجي حقيقي.

مخاطر الإفراط في فيتامين C والزنك

وفيما يتعلق بالمكملات الغذائية، يشدد الدكتور مجدي على أن الإفراط في تناول فيتامين C أو الزنك قد يؤدي إلى نتائج عكسية، فبينما تتراوح الجرعة اليومية الآمنة لفيتامين C بين 75 و90 مليجراما، قد يؤدي تجاوز الحد الأقصى الموصي به والذي يبلغ 2000 مليجرام يوميًا إلى مشكلات هضمية وإسهال ومغص وحصوات بالكلى.

أما الزنك، فتتراوح الجرعة اليومية الآمنة منه بين 8 و11 مليجراما، بحد أقصى 40 مليجراما، مشيرًا إلى أن الإفراط فيه قد يسبب الغثيان والقيء، بل وقد يؤدي إلى ضعف المناعة مع الاستخدام الطويل، بعكس ما يعتقد البعض.

سوء التغذية وقلة السوائل بوابة للعدوى

ويؤكد أن سوء التغذية وقلة شرب السوائل يمثلان عاملين رئيسيين في زيادة القابلية للإصابة بنزلات البرد، إذ يؤدي نقص البروتين إلى ضعف إنتاج خلايا المناعة، بينما يتسبب نقص الماء في جفاف الأغشية المخاطية، ما يسهل دخول الفيروسات إلى الجسم.

كما أن نقص بعض الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامينات C وD وA والزنك، يقلل من كفاءة الاستجابة المناعية.

أغذية ثبت علميًا أنها تدعم المناعة شتاءً

وفي المقابل، يشير الدكتور حلمي إلى أن هناك أطعمة ثبت علميًا دورها في دعم المناعة خلال فصل الشتاء، من بينها الأطعمة الغنية بفيتامين D “البيض – السردين – التونة”، الحمضيات “برتقال – يوسفي – ليمون”، الأطعمة الغنية بالزنك “المكسرات – البقول – اللحوم قليلة الدسم”.

إضافة إلى الثوم والبصل يعتبران مضادات ميكروبية طبيعية، والبروتين الجيد “بيض – دجاج – جبن – بقول”، الخضار الملون “فلفل – جزر – سبانخ”، والعسل الطبيعي الأصلي، والزبادي واللبن الرايب لاحتوائهما على البروبيوتيك المفيد لصحة الجهاز المناعي.

متى تكفي العلاجات المنزلية؟ ومتى نحتاج الطبيب؟

وفي ختام حديثه، يوضح أخصائي التغذية العلاجية أن العلاجات المنزلية يمكن الاعتماد عليها فقط في الحالات البسيطة، عندما تكون الأعراض خفيفة ولا يصاحبها ارتفاع شديد في درجة الحرارة أو صعوبة في التنفس، ولمدة لا تتجاوز 3 أيام.

أما اللجوء للطبيب فيصبح ضروريًا فورًا عند استمرار الأعراض المصاحبة بحرارة مرتفعة تتجاوز 38.5 درجة، أو ظهور صعوبة في التنفس، أو ألم في الصدر، أو كحة شديدة مستمرة، أو قيء متكرر، خاصة لدى كبار السن، والأطفال أقل من عامين، ومرضى الأمراض المزمنة أو ضعف المناعة.

كما أكد أن العلاجات الشعبية قد تكون داعمًا لتخفيف أعراض الشتاء، لكنها ليست علاجًا سحريًا، ولا بديلًا عن الطب الحديث، والوعي الصحي يبدأ من فهم الفرق بين ما يريح الجسم، وما يعالج المرض بالفعل.