منوعات

قصة مأساوية لفتاة تركية عُثر على جثتها في حقيبة سفر

قضايا خاصة

لم تكن عائشة توكياز تعلم أن حلمها البسيط في تكوين أسرة صغيرة سيتحول إلى كابوس ينتهي داخل حقيبة مرمية قرب أحد الطرق.

عائشة، البالغة من العمر 22 عامًا، جاءت من هاتاي إلى إسطنبول لتكمل دراستها في السنة الأخيرة من قسم التمريض مع شقيقتها التوأم إسراء، وسط طموحات المستقبل وحياة الجامعة، دخل حياتها رجل يُدعى جمال كوتش، وعدها بالزواج وأغرقها بوعود لم يتحقق منها سوى الفاجعة.

علاقة بدأت بوعد زائف

وفقًا لشهادة إسراء، تعرفت عائشة على جمال قبل خمسة أشهر فقط، بعدما أوهمها بحب صادق وخاتم زفاف وصور لفستان عروس.

بمرور الوقت، بدا لها أنه الشخص الذي سيحميها ويشاركها بيتًا وأسرة وطفلًا كانت تحلم باسمه، لكنها لم تعرف أن تلك الكلمات كانت بداية طريق مليء بالعنف والتهديدات.

اختفاء غامض وبلاغ عاجل

في الأيام الأخيرة قبل الجريمة، لاحظت إسراء آثار كدمات على جسد شقيقتها، ما دفعها للارتياب أكثر في سلوك جمال.

وفي اليوم المشؤوم، اختفت عائشة بعد أن شوهدت آخر مرة في حي مجيدية كوي. حاولت شقيقتها الاتصال بها دون جدوى، حتى وصلت إلى شقة جمال الذي أنكر وجودها رغم وضوح أدلتها: كانت أغراض عائشة ونعالها عند الباب، لكن الإجابات كانت مراوِغة.

تسجيلات تهديد وجثة في حقيبة

مع تصاعد القلق، لجأت إسراء إلى الشرطة وقدمت بلاغًا رسميًا، لتكتشف لاحقًا أن جمال لم يكتفِ بإنكار الحقيقة، بل سجّل تهديدات صوتية مرعبة أرسلها لإسراء، يتوعدها ويهددها بفضح تفاصيل إفادتها. تلك التسجيلات أصبحت لاحقًا جزءًا من ملف التحقيق.

وبعد أيام من الغياب، قاد البحث الشرطة إلى حقيبة ملقاة بجانب أحد الطرق في أيوب سلطان، لم يكن أحد يتخيل أن داخل تلك الحقيبة ستُكتشف نهاية عائشة، وبتتبع الكاميرات، بدأت خيوط القصة تنكشف خطوة بخطوة.

شريك الجريمة.. سجل حافل

كشفت التحقيقات أن جمال لم يتحرك وحده. فقد استعان برجل يدعى أوجوز ك.، يبلغ من العمر 55 عامًا، معروف بسجل جنائي يتضمن 20 تهمة سابقة. ساعده أوجوز في إخراج الحقيبة من المنزل ووضعها داخل سيارة حمراء.

لاحقًا، رصدت كاميرات المراقبة السيارة وهي تتوقف في محطة وقود، حيث اشترى المتورطون مزيلات عرق من المتجر ورشوها داخل السيارة وفوق ملابسهم لمحاولة التمويه على الرائحة المنبعثة من الجثة.

نقل الجثة.. سيارة أخرى وموقع مهجور

بعدها توقفت السيارة في شارع جانبي وتركها المتهمان هناك لساعات، قبل أن تصل سيارة بيضاء نُقلت إليها الحقيبة ثم أُلقيت في مكان مهجور. كل تلك التفاصيل وثّقتها كاميرات الشوارع ومحطات الوقود، لتغلق على الجناة دائرة الاتهام.

شهادة جمال كوتش.. محاولة تبرير مريبة

أثناء استجوابه، حاول جمال تبرير الجريمة بإلقاء اللوم على عائشة، مدعيًا أنها توفيت بعد أن ضربت رأسها بالحائط أثناء نقاش دار بينهما.

وزعم أنه حاول إسعافها دون جدوى، ثم استعان بأوجوز لنقل الجثة. وبرر وجود الحقيبة بأنها كانت الطريقة الوحيدة لإخفاء الجثة. لكنه لم يقدم تفسيرًا مقنعًا عن سبب رش السيارة والملابس بالمزيلات، ولا عن محاولاته المتعددة لإخفاء الأدلة.

عرض نصف مليون ليرة.. اعترافات صادمة من سائق تاكسي

أحد أكثر الفصول غرابة في القصة جاء عبر شهادة سائق التاكسي نجم الدين إ. الذي أكد أن جمال تواصل معه بعد الجريمة ليعرض عليه 500 ألف ليرة مقابل المساعدة في التخلص من الحقيبة.

نجم الدين أوضح أنه لم يكن يعلم بما تحويه الحقيبة في البداية، لكنه انسحب بعدما لاحظ الرائحة الغريبة التي فضحت المستور. خلال تلك الصفقة الفاشلة، حاول جمال إشراك ثلاثة أشخاص آخرين، عارضًا عليهم مبالغ تصل إلى 100 ألف ليرة لكل واحد.

شرطي قيد الاحتجاز.. ثقة الرأي العام تهتز

مع توسع التحقيقات، صُدم الرأي العام بخبر توقيف شرطي في الخدمة الفعلية للاشتباه بتورطه أو تستره على بعض تفاصيل القضية. الشرطة لم تكشف بعد عن دوره الدقيق، لكن تحويله إلى النيابة بعد تحقيقات مكثفة أضاف بعدًا خطيرًا للقضية.

ومع سقوط أوراق جمال كوتش واحدة تلو الأخرى، ظهرت في الخلفية قضية قديمة. إذ تبين أنه ملاحق في دعوى أخرى تتعلق بوفاة إيج جول أوفيزوفا، التي سقطت قبل عامين من شقة بالطابق الثامن في دياربكر، وسط شبهات لم تغلق بالكامل.

تقارير الطب الشرعي عثرت على آثار دماء تعود للضحية داخل الشقة، وأُدرجت تلك الأدلة في لائحة اتهام جديدة ضده مؤخرًا.

“عائشة كانت تحلم فقط بالسعادة”

بينما يُساق المشتبه بهم واحدًا تلو الآخر إلى المحكمة، تبقى كلمات إسراء التوأم هي الأكثر ألمًا. تقول في شهادتها إن شقيقتها كانت تحلم بفستان أبيض وبيت دافئ، لكنها عادت إلى هاتاي في نعش لا يشبه أي حفل زفاف حلمت به.

وأصرّت إسراء على ألا يرى أحد جسد عائشة في حالته المشوهة، حتى والدتها لم تستطع إلقاء نظرة الوداع. وحدها هي من احتضنت الحقيقة المرة.