منوعات

التوب والحبرة.. زي صعيدي تراثي تفضله سيدات إسنا بالأقصر


محمد راشد:


نشر في:
الجمعة 14 يوليه 2023 – 1:15 م
| آخر تحديث:
الجمعة 14 يوليه 2023 – 1:15 م

لا زالت معظم سيدات مدينة إسنا بالأقصر، يشتهرن بارتداء الزي الصعيدي التراثي “التوب والحبرة” على الرغم من أن الأزياء في العصر الحديث، أصبح لها عالمها الخاص، لكن التقاليد ومواريث الحفاظ على النفس والاحتشام أحد المميزات لنساء تلك البلدة، خاصة المُقبلات منهن على الزواج.

بضع أمتار من القماش الذي قد يكون حريرًا في فصل الصيف، وقد يكون من الصوف في فصل الشتاء، لكن المظهر لا يتغير بتغير الفصول، فمهما اشتدت درجة الحرارة أو انخفضت تحتفظ النساء في إسنا وعدد آخر من مدن وقرى ونجوع الأقصر بهذا الزي المتوارث عن الأجداد من قديم الزمان لما فيه من مميزات تأتي أبرزها حجب مفاتن السيدات حسب ما يعتقد الكثيرون من أهالي هذه البلدان.

تقول صباح حسين عبد الغني، إحدى سيدات قرية وابورات المطاعنة بإسنا في الأقصر، إن هذا الزي “التوب والحبرة” متوارث عن الأجداد ولم تلجأ السيدات بصفة عامة للتنحي عن ارتدائه على الرغم من ظهور أنواع مختلفة وأساليب حديثة في الأزياء الخاصة بالسيدات مؤخرًا؛ وذلك لتمسك الجنسين رجال ونساء بارتداء هذا الزي وعدم مخالفة تقاليد وأعراف ترَبَوا عليها.

وتضيف عبدالغني، لـ”الشروق”، أن التوب والحبرة في مدينة إسنا هي أزياء يتم ارتدائها فوق الملابس المنزلية بالرغم من ثقل أقمشته وتغطي كامل الجسد وليس ذلك فحسب، بل تحجب ولا تبرز تفاصيل الجسد لأنها ملابس فضفاضة واسعة كما أنها لا تغري أعين الرجال لأنها لا تحيد في ألوانها عن الأسود، لكن قد تختلف الألوان وذلك بالنسبة للتوب، أما الحبرة فقد تختلف فيها الألوان حسب ذوق كل سيدة فهي ليست مثل التوب تتمسك باللون الأسود فقط.

وتوضح أسماء حسن أمين، إحدى سيدات منطقة نجع أبو حميد بمدينة إسنا بالأقصر، أن ارتداء زي التوب والحبرة شيء واجب وحتمي على سيدات القرى والنجوع في إسنا بصفة خاصة، لأنه يتعلق بالاحتشام في نظرهن ونظر رجالهم وبدونه لا يمتلك الرجل راحة نحو زوجته في الخروج من المنزل، فمن المعروف أنه مهما انتظر طويلًا على أمر عدم ارتدائها لهذا الزي فحتما سيجعلها ترتديه لاحقًا؛ خوفًا عليها من أنظار الأخرين.

وتابعت أمين: “رجالنا مهما انتظروا على السيدة التي لا ترتدي التوب والحبرة أو كانت لا تحبذ ارتدائه فلا ينتظروا كثيرًا في الأخير من الإلحاح وعِظَم رغبتهم ترتدي نسائهم ذلك اقتناعًا منهم أنه يخفي جميع مفاتن المرأة وتفاصيل جسدها وهو ما يتوافق مع رغبتهم أيضًا ورغبة رجالهم”.

ويقول أحمد محمد أحمد حسين، رب أسرة بنجع أبو حميد بإسنا في الأقصر، إن التوب والحبرة هو زي أيضًا للفتيات المقبلات على الزواج، حيث يقمن بشرائه ضمن حقيبة ملابسهن قبل الزفاف بفترة ليست بالكبيرة لأن الفتاة منهن تعلم يقينًا بأن زوجها بعد شهر من إتمام الزواج سيطلب منها ارتدائه لحفظها من أعين الآخرين.

ويشير حسين إلى أن التوب والحبرة يصل طولها 3 أمتار وعرضها حوالي متر، ولا يوجد منها في محافظة الأقصر كلها سوى في إسنا، حيث مكان تواجد وتمركز صانعوها ويوجد منها نوعين، الأول ما ترتديه الآنسة العزباء أو المتزوجة ولم تبلغ الأربعين وبه بعض الألوان في الحبرة ويسمح فيه بترك مكان لرؤية الوجه، والثاني كله ملون بالأسود ومخصص للمتزوجات اللاتي بلغن سن الأربعين فما فوق ذلك، ولا يرى من خلاله الوجه فقط ما يرى الأنف والعين.

وأردف مصطفى عنتر أمين، رب أسرة بقرية وابورات المطاعنة بإسنا في الأقصر، أن التوب والحبرة يكلف في هذه الأيام إلى ما يقرب من 500 جنيه، وذلك لندرة الصناع الذين يقومون بتنفيذها خصيصًا حسب الطلبات الواردة إليهم ولا يوجد غيرهم خارج إسنا.

واستطرد أمين، لـ”الشروق”، أن غلاء الخامات المستخدمة في صناعة التوب والحبرة مثل الحرير والصوف، كانا سببًا قويًا في ارتفاع أسعار البيع والتي تختلف أيضًا عن استخدام الألوان، فهناك إذن تكلفة إضافية وبصفة خاصة كون أن هذه الأزياء تصنع يدويًا فذلك كفيل أن تكون أسعارها مرتفعة والتي يتعدى بعضها الألف جنيه ويصل إلى 5 آلاف جنيه.