منوعات

من الفكرة الى الشتيمة

مقالات

الدكتورة / ليلى الهمامي 

ثمة حالة خِصيٍ فكريّ ونفسيٌ تدفع بعضهم الى امتهان السبّ والشتيمة والهجاء. هذه الحالات تعبّر عن شخصياتٍ مضطربةٍ وشخصياتٍ جريحةٍ خاصة تجاه الانثى، من حيث انها تمثل جمال الفكرة، أقول جريحة إن لم اقل إنها في حالة خِصيٍ فكري. ذلك الخصي الفكري الذي يدفع تلك الشخصيات المخصية الى أن تكون من التوابع، ويدفعها إلى أن تتبع القائد دون أن تعِيَ الفكرة.

أوجين يونسكو تحدث عن الاغلبيات وعن الاقليات. وقال بأن “الحقيقة تولد أقليةً” وقال بأن “الأغلبية لا تعتنق الحقيقة إلا لتفسدها”…

نحن نفكر بطريقة حرة ونقدية، سلاحنا الحجة. نحن ننسّب ما نؤمن به لاننا نفكر دون تعصب، ولا نتعصّب الى الحقيقة. أما بعضهم فجعل من الشخص وعبادة الشخص وشخصنة الفكرة، دينه، ومقدسه. وهذا الطبع سلوك الجمع والجمع له دلالات لا انسانية، او معان لا انسانية.

من يناقش الفكرة لا يلتجأ إلى ذلك المقدّس لترهيب المُحاوِر او الناشر… فغالبا ما نحتجّ بمرجعية دينية لعلنا نربك المُحاوِر،،، لعلنا نشكك في عقيدته وايمانه…

عقيدتي وإيماني أن مجال الفكر مجال حر، وهذا ليس بغريب عن تراثنا، هذا ليس بغريب عن المعتزلة، هذا ليس بغريب عن ابن رشد، هذا ليس بغريب عن الكندي، عن ابن سينا، عن الجاحظ وعن كل رموز الفكر … كل هؤلاء كانوا من أصحاب الحقيقة والعقل الحر.

نحن لم نكن في يوم من الأيام عدميين تجاه تراثنا،،، وإنما نتعاطى معه من منطلقات نقدية ومن زوايا مقارَبة ما يمكن وما عساه ان يقدم لنا الطرح المضاد من حجج وانارات لم نتفطن اليها… هذا هو طرحنا !!

نحن لا نتهجم على عقائد الناس وعلى مقدساتهم، وإنما نقول بان الافكار حرة، وانه من الطبيعي ان نناقش الأفكار، وانه من الطبيعي ان نجادل، وان نكون من منطلقات الفعل او ان نكون في مواقع الفاعلين لا المنفعلين، لا التابعين…

رجائي… رجائي أن نترك سلوك الجمع الهمجي الذي يسبّ ويشتم قبل ان يفهم.