المرأة المسؤولة…نعم…لكن

حنان حيمر الجزائر
تجربتي الشخصية في الميدان المهني جعلتني أتمنى ان يكون مسؤولي رجلا وليس امرأة! قد يبدو هذا الاعتراف خطيرا، لاسيما أنني أفصح عنه في مقال ينشر في التي تعمل على ترقية مكانة المرأة في المجتمع.لكنها حقيقة اتاسف لها لاسيما وانني شخصيا تحملت مسؤوليات في مساري العملي.
وفي مقالي الأول الذي افتتحت به مشاركتي ضمن طاقم الوكالة طرحت سؤالا عن من يقف وراء الأفكار المضادة للمرأة.وقلت انه من الواجب الانتباه وعدم إصدار أحكام مسبقة.
وواقع الحال ان الكثير من العراقيل التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق المرأة لذاتها أو خروجها من بوتقة المفاهيم الخاطئة للدين بالخصوص، ناتجة أساسا عن سلوكات نسوية وليس رجالية.
فليس من العدل أبدا ان نتهم الرجل وحده بأنه مكرس لوضع تعيشه بل وتعاني منه الكثير من النساء في منطقتنا العربية.لأنه في حالات عديدة تكون معاناة المرأة نابعة من ظلم امرأة أخرى لاترى فيها شريكة ولكن منافسة أحيانا أو عدوة أحيانا أخرى.
ولأاعتقد ان الكثيرين ورغم إننا نعيش العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين سيستغربون إذا ماقلت ان التمييز الأول الذي تتعرض له المرأة يبدأ في البيت وبالضبط على يد الأم التي تعمل منذ صغر سن أبنائها على ترسيخ فكرة “للذكر ما ليس للأنثى”،وهي في حالات عديدة تربي في بناتها فكرة “الدونية” مقارنة بالإخوة، وقد تكون الأم حتى مقاومة لأي محاولة “تمرد” من بناتها اللواتي في كثير من الأحيان سيلاحظن ان المطلوب منهن كواجبات يفوق مايوفر لهن من حقوق.
وإذا عدنا الى عالم الشغل، فان الكثير يقال عن هذه المسالة،وهو ماتؤكده تجارب الكثيرات في الفضاء المهني،وأنا واحدة منهن.
ان مطالبة المرأة بتمثيل اكبر في مختلف المناصب لاسيما القيادية، أمر نشجعه بكل قوتنا ونسعى إليه، لكن على ان يكون ذلك قائما على كفاءة مستحقة. والكفاءة بالنسبة للمرأة ليست مرتبطة فقط بدرجتها العلمية، ولكن كذلك بتخلصها من بعض “العقد الانثوية” التي تجعلها تنظر الى الأخريات بعين نسوية وليس بعين المسؤولة الباحثة عن عمل جيد وكفاءات جيدة.
ان المرأة المسؤولة ليست مسؤولة على طاقم العمل فقط وجودته ونوعيته، وإنما على صورة كل النساء لأنها بدون إذنها وعكس الرجلتجد نفسها ممثلة لكل النساء وأي خطأ سيحسب على بنات جنسها…ولهذا إذا حدث أي خلاف بين زميلتين في العمل يقال انه “سوق النساء”، ولاينظر الى الأمر بالجدية الكافية،فالأمر يرجع الى “الغيرة” أو “الحسد” أو “كيد نساء”، ولاينظر إليه أبدا على أساس انه خلاف مهني يستحق ان “يضيع” المسؤول وقتا من اجله.
لذا أصر كثيرا على ان للمرأة مسؤولية مضاعفة،ومن واجبها ان تخلع ثوب “الأنوثة السلبية” وترتدي لباس “الفحولة النسوية” لتؤكد بما لايدع مجالا للشك على انها أهلا لمطالبها.
أتذكر هنا تصرف رئيسة قسم المنوعات بالجريدة التي أجريت فيها تربصي الدراسي وانا انهي مشواري الجامعي بمعهد الصحافة…كنت أنا رفقة طالبة وطالب في نفس التربص.وحين مررنا بهذا القسم تفاجأنا بالطريقة التمييزية التي كانت المسؤولة تتعامل بها معنا.حيث كانت تسلم ماتعتبره “عملا صعبا” للطالب بينما تعطينا نحن الاثنتين ماتعتبره “عملا سهلا”وكان العمل يتمثل في ترجمة برقيات من الفرنسية للعربية.
استغربنا لهذا التعامل، ولم تخف هي قناعتها بان الطالبالرجل أذكى وأكثر كفاءة منا ولذا كانت تطلب منه ترجمة الريبورتاجات الصعبة.وفي مرة قررت أخيرا ان تجربني، فذهلت لأنها اكتشفت على مايبدو ولأول مرة في حياتها ان للمرأة قدرات تفوق الرجل.وذهلت أنا من تصرفها الذي بقي راسخا في ذهني، وأتحسر لأنني عايشته مجددا في مشواري المهني….فهلا حاسبنا أنفسنا قبل ان نحاسب الاخرين؟