ماذا استفادت قطر من استضافة كأس العالم 2022
![](https://arabinewsnow.com/wp-content/uploads/2023/06/Untitled.jpg)
منذ أعوام طويلة، سعت قطر بكل مجهودها نحو الفوز بتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022، وبالفعل نجحت في تحقيق ذلك. خلال سنوات الإعداد والتشييد والبناء، أنفقت قطر مليارات الدولارات لتنفيذ خطط تطوير الملاعب وبناء الجديد منها وبناء شبكة طرق متطورة وغيرها من الفنادق والمطارات والحدائق والكثير. تشير بعض الإحصائيات إلى أن قطر أنفقت ما يقرب من 220 مليار دولار على هذه البطولة. فإذا كانت هذه قيمة الإنفاق على البطولة، فكم ربحت وماذا استفادت قطر من استضافة كأس العالم 2022؟
عوائد بالجملة
لا يمكننا حصر مدى استفادة قطر من استضافة مونديال العالم 2022 في بعض العوائد المادية فقط. فكما ذكرنا في البداية، فلقد عملت قطر بكل جد للفوز بتنظيم البطولة وهي تعلم تمامًا أنه عليها تقديم بطولة استثنائية، وبالفعل نجحت في ذلك. لذا، لم يكن الهدف فقط هو جمع بعض ملايين الدولارات وأن يكون النجاح لقطر وحدها في ذلك، ولكن تأثير كأس العالم قطر على الدول العربية تخطى ذلك بكثير. تخطى هذا النجاح ليصل السعودية والإمارات ومصر والمغرب وغيرها من دول المنطقة العربية التي أثبتت للعالم أجمع أنها قادرة على تنظيم أقوى البطولات في العالم وأنها آمنة تمامًا. عوائد قطر والدول العربية من مونديال العالم تخطت كل الحواجز والملفات، دعنا ننظر بشكل من التفصيل في ذلك.
الملف الرياضي، ومنتخب قطر الوطني
أحد الملفات الهامة التي استفادت بشكل كبير من تنظيم قطر للبطولة هو الملف الرياضي. فلقد شارك منتخب قطر الوطني في البطولة بصفته صاحب البلد المضيف، واستفادت الكوادر البشرية من لاعبين وفنيين في الفريق بخبرة كبيرة من المشاركة. لم يقدم المنتخب أي فوز في البطولة بالفعل، ولكن الانتصار في المباريات لا يمثل وجه الاستفادة الوحيد. فبعد البطولة، يكون لديك لاعبين محترفين خاضوا تجربة اللعب أمام منتخبات قوية ولا يهابوا الأمر، ولديك جهاز فني يعرف كيفية الإعداد للمشاركة في البطولات القادمة.
8 ملاعب كاملة تم إعدادها لاستضافة مباريات البطولة، وكلها مصاحبة للبيئة وعلى أعلى مستوى من التصميم والجمال. تم تفكيك بعض الملاعب هذه والتبرع بها لتطوير الملف الرياضي في البلاد النامية وهي وجه استفادة يتخطى الحدود ليعم على تلك الدول سواء من العرب أو غيرهم. الأبنية الرياضية والمنشآت الأخرى ستكون أيضًا نقطة انطلاق قوية لتطوير الرياضة في قطر وإعداد أجيال ولاعبين وكوادر رياضية تشارك وتنافس على البطولات العالمية.
حققت المغرب أيضًا أكبر إنجاز لها في تاريخ كأس العالم حيث حصلت على المركز الرابع وهي أول دولة عربية في التاريخ تصل لهذه المرحلة وتلعب نصف نهائي كأس العالم. السعودية فازت على الأرجنتين، وتونس على فرنسا مما يجعل من مونديال قطر هو الأنجح للمنتخبات العربية المشاركة في البطولة.
الملف السياسي
لطالما كانت بطولات كأس العالم فرصة لتبادل الخبرات السياسية بين الدول المختلفة. فهي فرصة لحضور العديد من الجهات الوزارية التابعة للدول المختلفة للاجتماع معًا وعقد الصفقات والاتفاقيات في المجال الرياضي وغيره. من أهم ما استفادته قطر من تنظيم مونديال العالم لكرة القدم هو الملف السياسي حيث رحبت بالعديد من الحقائب الوزارية من دول مختلفة وخاصة من الدول المشاركة في البطولة. اجتمع المسؤولين معًا لعمل اتفاقيات تفاهم وتعاون مشترك وكان لقطر وللدول العربية نصيب كبير في ذلك.
فلقد أثبتت قطر بصفة خاصة، والمنطقة العربية بصفة عامة، أنها مكان آمن تمامًا لاستضافة أكبر البطولات في العالم وأنها على استعداد تام لهذه البطولات. خلت مباريات البطولة تمامًا من أي أحداث عنف أو جرية أو شغب، وكانت مثالية تمامًا حيث أعرب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم على أن كأس العالم FIFA قطر 2022 هي أنجح نسخة في كأس العالم حتى الآن وهو نجاح سياسي ساعد في تغيير مفهوم العديد من المواطنين في الدول الأجنبية عن مستوى الأمان الموجود في الدول العربية.
الملف الإقتصادي
بلغت عائدات قطر المباشرة من تنظيم بطولة كأس العالم 2022 حوالي 2.2 مليار دولار، وتؤكد الأرقام على أن العائدات الاقتصادية طويلة الأجل خلال الفترة من 2022 إلى 2035 بنحو 2.7 مليار دولار. يقول الخبراء أيضًا أن الاقتصاد القطري سينمو في 2022 و 2023 بنسبة 3.7% بفضل هذه البطولة الكبيرة.
استفادت السياحة وقطاع الطيران بشكل كبير من المونديال وخاصة أثناء فترة إقامة البطولة. تشير الأرقام إلى أن قطر استقبلت خلال البطولة أكثر من مليون و 400 ألف زائر مما ساعد في إنعاش السياحة الخارجية وهو ما سيدوم تأثيره على مدار السنوات القادمة. سيُقبل الملايين على زيارة قطر للاستمتاع بالأجواء المميزة والتعرف على الطابع العربي الموجود في المنشآت الرياضية والسياحية. هذا بدوره سيساهم في توفير المزيد من فرص العمل سواء في قطاع الخدمات أو العقارات إلى جانب زيادة مبيعات السوبر ماركت والملابس والأحذية وغيرها من المنتجات الاستهلاكية والغذائية. كل هذا يصب في الاقتصاد القطري الذي حقق فوائد ضخمة من هذه البطولة.
من جانبها، استفاد اقتصاد الدول العربية من ذلك حيث أصبح هناك اهتمام أكبر لزيارة الدول العربية الأخرى مثل مصر للاستمتاع بالآثار المختلفة والأجواء المصرية والطقس المعتدل، زيارة السعودية والإمارات والمغرب والكويت وغير ذلك. هذا سيعود بالنفع على الملف الاقتصادي في هذه الدول ويساهم في توفير فرص العمل وزيادة عائدات السياحة الخارجية وغير ذلك.
لم تكن قطر أنانية على الإطلاق، ولم تستفد بشكل فردي من تنظيم البطولة الأفضل في التاريخ حتى الآن! قامت وحدها بإنفاق المال والجهد والوقت، وعادت بالنفع عليها أولًا وعلى الدول العربية ثانيًا. نأمل جميعًا أن تتكرر هذه التجربة الناجحة في الدول العربية الأخرى لنثبت للعالم أننا كأمة عربية أهلًا لاستضافة العالم كله.