لماذا لم يفز أي لاعب إفريقي آخر بالكرة الذهبية بعد جورج ويا؟

تعد الكرة الذهبية من أرقى الجوائز الفردية في عالم كرة القدم، ورغم تاريخها الطويل، لم يتوج بها أي لاعب إفريقي منذ عام 1995، عندما ظفر بها الليبيري جورج ويا، نجم ميلان آنذاك.
في البداية، كانت مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية تمنح جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب أوروبي يلعب في أوروبا، وذلك في الفترة الممتدة بين عامي 1956 و1994، ثم توسع نطاق الجائزة بدءا من عام 1995، لتصبح مفتوحة أمام جميع اللاعبين العالميين بغض النظر عن جنسيتهم، شريطة أن يكونوا يلعبون في الأندية الأوروبية، حيث استمرت في تكريم أفضل لاعب في أوروبا حتى عام 2006.
ومنذ عام 2007، تحولت الجائزة إلى أفضل لاعب في العالم بمعناها الشامل، لتصبح حدثا عالميا حقيقيا يصنف أبرز نجوم كرة القدم على كوكب الأرض، بغض النظر عن ملعبهم أو قارتهم.
في عام 1995، كسر جورج ويا حاجز التمييز الجغرافي، ليصبح أول لاعب غير أوروبي يفوز بالجائزة، في لحظة تاريخية شكلت إنجازا للكرة الإفريقية جمعت بين التميز الفردي والاعتراف العالمي.
لكن منذ ذلك الحين، أي على امتداد نحو 30 عاما، لم ينجح أي لاعب إفريقي آخر في تكرار هذا الإنجاز.
خلال السنوات القليلة الماضية، نجح عدد من النجوم الأفارقة في تحقيق مراكز متقدمة في الترتيب النهائي للكرة الذهبية، مثل المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني والجزائري رياض محرز، حيث تواجد الثلاثي ضمن قائمة العشرة الأوائل، بعدما قدموا مواسم استثنائية وحققوا إنجازات جماعية وفردية كبيرة، لكنهم، للأسف، لم يكتب لهم الفوز بالجائزة.
وفي نسخة هذا العام، عاد التواجد الإفريقي بقوة، حيث دخل ثلاثة لاعبين القائمة النهائية للمرشحين الـ30 للكرة الذهبية وهم، محمد صلاح، المغربي أشرف حكيمي والغيني سيرهو غيراسي، ما يعد تأكيدا على استمرارية التألق الإفريقي على أعلى مستوى.
رغم ذلك، يبقى السؤال حاضرا ومحوريا: لماذا لم ينجح أي لاعب إفريقي في تكرار إنجاز جورج ويا؟
تشير العديد من التحليلات إلى أن الأسباب معقدة وتتجاوز الأداء الفردي للاعبين:
معايير التصويت: اعتبر البعض أن هناك تحيزا في عملية التصويت التي كانت تعتمد لسنوات طويلة على الصحفيين الأوروبيين، حيث يميل هؤلاء إلى التركيز على الدوريات الأوروبية
الكبرى واللاعبين الأوروبيين الذين يحققون إنجازات مع أنديتها في هذه الدوريات.
ولكن هذا الطرح أصبح أقل أهمية الآن، حيث توسعت قاعدة المصوتين لتشمل 100 صحفي متخصص يمثلون الدول المئة الأولى في تصنيف “الفيفا”، مما يمنح تمثيلا أوسع لقارات أخرى.
تأثير البطولات القارية: تعد كأس الأمم الإفريقية حدثا كرويا ضخما على المستوى القاري، لكنها للأسف لا تحظى بالمكانة الإعلامية أو التنافسية التي تمنح لكأس العالم أو كأس أمم أوروبا.
ورغم أن الفوز بكأس إفريقيا يعد إنجازا عظيما، إلا أن التصويت للكرة الذهبية يعطي أولوية أكبر للفوز بدوري أبطال أوروبا وكأس أوروبا.
وهنا تكمن المفارقة: اللاعب الإفريقي قد يقدم موسما استثنائيا ويقود بلاده للفوز بكأس الأمم، لكن هذا الإنجاز لا يحسب له بالوزن نفسه الذي يحسب فيه للفائز بكأس أوروبا أو دوري الأبطال.
هيمنة العمالقة: من 2008 إلى 2023، هيمن ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو على الكرة الذهبية، وحصلا معا على 13 من أصل 15 جائزة خلال تلك الفترة، هذه الهيمنة جعلت من الصعب جدا لأي لاعب بغض النظر عن جنسيته، من منافسة النجمين خلال فترة توهجهما.
ولكن مع تراجع “الدون” و”البرغوث”، فإن هذا السبب لم يعد مبررا لاستمرار غياب اللاعبين الأفارقة.
غياب الدعم الإفريقي: يرى بعض اللاعبين الأفارقة الكبار، مثل الكاميروني صامويل إيتو، أن اللاعبين الأفارقة لا يحصلون على التقدير والدعم الكافي من داخل القارة نفسها.
وقد أشار أسطورة الكاميرون روجيه ميلا إلى أن جورج ويا فاز بالجائزة لأنه كان “خارقا” لدرجة لم يترك مجالا للمنافسة، مما يوحي بأن اللاعب الإفريقي يحتاج إلى أداء استثنائي للغاية لكسر هذا الحاجز.