5 بؤر استيطانية في الجليل والكرمل لدروز إسرائيل «تحدياً للتمييز»

على الرغم من أن وظيفته تبدأ عند الثامنة صباحاً، وهو الوقت الذي تفتح فيه غالبية الدوائر الحكومية في العراق أبوابها، فإن علي زاير يضطر للاستيقاظ عند الساعة الخامسة والنصف؛ لأنه يستغرق ساعتين للوصول إلى مقر عمله.
زاير، البالغ من العمر 48 عاماً، هو أحد الموظفين الحكوميين الذين يعانون مع شرائح أخرى كثيرة من الاختناقات المرورية في شوارع العاصمة العراقية بغداد، حيث يضطر للخروج بفارق يصل إلى ساعتين قبل موعد بدء الدوام؛ كي يصل في الوقت المحدد.
وقال زاير، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، «الاختناقات أصبحت عقدة لكل ساكني العاصمة بغداد، خصوصاً بعد أعمال الصيانة والتوسعة التي أقدمت عليها الحكومة في بعض الساحات والشوارع الحيوية، مما أدى إلى زحام شديد في الشوارع المليئة أصلاً بالسيارات الكبيرة والصغيرة».
وأضاف: «الاختناقات المرورية تفسرها كثرة السيارات في الشوارع مقابل قلة الطرق وغلق أكثرها، بالإضافة إلى عدم وجود تنظيم لآلية السير والمرور».
وأطلقت الحكومة العراقية حزمة مشروعات لفك الاختناقات المرورية، وبدأت في تنفيذ الحزمة الأولى قبل أشهر عدة، وتمثلت في إنشاء عدد من الجسور والأنفاق في التقاطعات المرورية.
وافتتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الشهر الماضي، مشروع توسعة «ساحة النسور»، وهي من الساحات الرئيسية في وسط بغداد، ضمن حزم مشروعات فك الاختناقات المرورية. وبجانب توسعة «ساحة النسور»، تتضمن هذه الحزمة من مشروعات فك الاختناقات المرورية إنشاء 3 أنفاق وجسرين.
ضرر الزحام المروري لم يطل الموظفين فقط، بل شمل جميع الشرائح، ويتحدث مصطفى حاتم (32 عاماً)، وهو سائق سيارة أجرة في بغداد، عن معاناة يومية جراء تلك الاختناقات، مما يضطره أحياناً إلى البقاء في منزله حتى تهدأ الحركة المرورية ويقل الزحام للعمل مساءً.
ويقول حاتم، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «البقاء في المنزل أفضل؛ لأن الخروج للعمل في السيارة وسط هذا الزحام وتحت وطأة درجات حرارة مرتفعة في الصيف يكلفني كثيراً من ناحية الأعطال التي تضرب العجلة (السيارة) والوقود الذي تستهلكه، خصوصاً مع تشغيل التبريد (مكيف الهواء)».
وأضاف: «الاختناقات المرورية تحتاج إلى حل جدي من قبل الحكومة؛ لأن هذه المعضلة باتت تؤرق البغداديين وتقطع أرزاقهم».
وفي بعض أيام الأسبوع، يضطر حاتم إلى ركن السيارة، وتابع قائلاً: «في أوقات معينة مثل صباح الأحد الذي يصادف بداية الأسبوع، لا أخرج بسبب الزحام، وأعمل ليلاً في كثير من الأحيان؛ بسبب بعض الانسيابية في الشارع».
وقالت وزارة الإعمار والإسكان، في وقت سابق، إن مدة إنجاز الحزمة الأولى من المشروعات المرورية، التي يبلغ عددها 19 مشروعاً، لن تستغرق أكثر من 18 شهراً بحد أقصى.
ويوضح مدير إعلام المرور زياد القيسي، في حديثه إلى «وكالة أنباء العالم العربي» أن «مديرية المرور لديها علاج لحل معضلة الزحام، بعضها حلول آنية قريبة الأمد، وبعضها بعيد المدى. طالبنا مثلاً بإنشاء مواقف متعددة الطوابق لعدم صف السيارات في الطرق، من أجل الحفاظ على انسيابية الشوارع، كما طالبنا بنقل قسم من الوزارات الموجودة في مركز العاصمة إلى الأطراف؛ للمساهمة في فك الزحام المروري».
وأضاف: «أي طريقة جديدة يتم شقها… من شأنها تخفيف تلك الاختناقات، لأنها روافد إضافية بكل تأكيد، وستقلل حتماً من حدة الزحام في العاصمة».
وتكتظ بغداد بالسكان، وتجاوز عدد القاطنين فيها 9 ملايين نسمة، وفقاً لإحصاءات وزارة التخطيط، فضلاً عن وجود مؤسسات الدولة الرسمية في مناطق رئيسية بالعاصمة العراقية.
واتجهت الحكومة العراقية في الآونة الأخيرة إلى التفكير في إنشاء مدن جديدة في بغداد والمحافظات الأخرى؛ بهدف تقليل الزحام في مراكز المدن، لكن هذه الخطط لم تخرج إلى النور حتى الآن، في ظل استمرار أعمال استكمال عديد من المجمعات السكنية في وسط العاصمة، التي توقف العمل فيها سابقاً نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة.
لكن أحمد العبادي (52 عاماً)، وهو مهندس طرق، يرى أن مسألة فك الاختناقات المرورية في بغداد عبر إيجاد طرق بديلة غير ممكنة «وإن كان ذلك يحد بنسبة قليلة جداً لا تتخطى 5 في المائة من الزحام الحاصل في العاصمة».
وقال العبادي، في تفسيره لذلك خلال حديثه إلى «وكالة أنباء العالم العربي»، «بغداد تحتوي على كثافة في السيارات أكثر من قدرتها الاستيعابية بما يصل إلى 5 مرات أو أكثر، وبالتالي فإن إيجاد طريق بديلة أو مساعدة لن يحد من الاختناقات المرورية».
وأضاف: «التخلص من الزحام يتطلب إيجاد مدن جديدة، وتوسعة عمرانية كاملة بمساعدة الطرق البديلة، وأيضاً بناء جسور في الساحات الحيوية، وهذا فقط من شأنه تقليل نسبة الاختناقات المرورية في العاصمة».
وشهدت بغداد زيادة ضخمة تقدر بالملايين في عدد السيارات في العقدين الأخيرين، دون أن تقابل ذلك توسعة في شبكة الطرق، التي يعود إنشاؤها إلى منتصف القرن الماضي، فضلاً عن عدم فاعلية وسائل النقل العام.
ومنذ عام 2006، يتردد حديث في الأوساط المعنية بالعراق، من بينها وزارة النقل وأمانة العاصمة، حول إنشاء مترو في بغداد لدفع المواطنين إلى تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة. لكن على الرغم من إعلان إعداد تصاميم ولقاءات مع ممثلي دول وشركات متخصصة، فإن كل ذلك لم يسفر عن وضع حجر أساس لأي مشروع للنقل بواسطة السكك الحديدية في بغداد.
وتحدث الخبير الاقتصادي منار العبيدي، عن خسائر تصل إلى 500 مليار دينار للعراق جراء الاختناقات المرورية.
وأبلغ العبيدي «وكالة أنباء العالم العربي»: «هذا الزحام، بالإضافة إلى الخسائر المادية، تسبب في كثير من الحوادث المرورية التي تنتج عنها خسائر بشرية، ناهيك عن الإزعاج الناتج عنها مثل التلوث البيئي والضوضاء».
وتابع قائلاً: «السيارة الواحدة لو افترضنا أنها تقطع في اليوم 20 كيلومتراً، فإنها وبسبب الاختناقات و(سوء حالة) الشوارع، تهدر في السنة الواحدة 570 لتراً من البنزين الذي يعادل خسارة 314 ألف دينار في السنة».
وكان مدير الإعلام والعلاقات في مديرية المرور العامة زياد القيسي، قد قال في وقت سابق من العام الحالي إن عدد المركبات الموجودة في شوارع العاصمة «يفوق الطاقة الاستيعابية (لها) بأضعاف»، موضحاً أن شوارع العاصمة تضم حالياً نحو 4 ملايين مركبة، في حين تقدر طاقتها الاستيعابية بنحو بين 200 و250 ألف مركبة بحد أقصى.
واضطرت مديرية المرور العامة في السنوات الماضية إلى فرض العمل بنظام «الزوجي» و«الفردي» لأرقام السيارات، حيث يسمح لتلك التي تنتهي أرقامها بعدد زوجي بالمرور في أيام الاثنين والأربعاء والسبت، في حين يسمح للتي تنتهي أرقامها بعدد فردي بالمرور في أيام الأحد والثلاثاء والخميس، ويسمح للجميع بالمرور يوم الجمعة، باعتباره يوم عطلة.