نساء الليلك في عيون رواد العالم الافتراضي

رائدة زقوت الأردن
كان سؤالاً بسيطاً وقصيراً عبر صفحتي بالفيس بوك حيث تنوع ثقافات الأصدقاء .
من هي المرأة ؟؟
وماذا تعني لك بعيداً عن الإجابة النمطية، أي … أمي … وأختي … ورفيقة دربي
المرأة هنا على النت، المرأة في العمل، في الشارع، في أي مكان تتواجد فيه، ماذا تعني لكَ ولكِ أيضاً ؟؟
بعض الإجابات لم تسقط النظرة التقليدية للمرأة من كونها نصف المجتمع وجنته… وريحه وريحانه، وبعضها طبعاً رغم الطلب الصريح بأني لا أريد رأيه بخاصته من النساء إلا أن الإجابات كانت من واقع علاقته بخاصته منهن … أم … أخت …بنت وزوجة .
من الإجابات الصادقة التي حظيت بها كانت إجابة من صديق تثير تساؤلاً كبيراً حول مدى تحكم مجمل العادات والتقاليد في تواجدنا هنا في العالم الافتراضي جنباً إلى جنب لا يحكم بيننا غير حرف وفكرة تطرح سواءً أكانت أدبية أم ثقافية للنقاش !!
كانت الإجابة أن نظرة الرجل للصداقة مع المرأة ستدفعه ليقلل من احترامه لها كونه سينظر لها كأنثى بغض النظر عن مدى نقاء هذه العلاقة، وسيتعامل معها وفق نهج ذكوري فقط مهما بلغت ثقافته وبلغ علمه !!
ربما هذه الإجابة رغم عدم تكرارها بهذا الوضوح في باقي الإجابات إلا أنها بالتأكيد بزغت في حروف البعض كومضة حاول تغليفها بألفاظ منتقاة.
عند التعامل مع عدد كبير من الأصدقاء على الفيس تجد هذه الإجابة حقيقة ماثلة أمامك، وأردد كلمة الفيس بوك لسبب بسيط أنه مجتمع مختلط مصغر تتعامل مع الأصدقاء فيه بقوة وبشكل مباشر، وكأنه نموذج للاختلاط الذي هربنا منه فترة طويلة في حياتنا العامة، محملين الشيطان مهمة توريطنا في عبثية الاختلاط، وموجهين له مجمل ما نقوم به من استفراد بالتواجد مع الطرف الآخر.
تتضح الإجابة من تواجد عدد هائل من الأصدقاء الذكور عند حرف الأنثى للتعليق والتفاعل معه رغم أنه أحياناً لا يحمل فكرة، ولا يتجاوز أن يكون جملة منمقة مختصرة، وترك موضوع مهم وقيم عند صديق ذكر أو عند أنثى أخرى تمثل الجدية والالتزام في الطرح، إذا نحن هنا لم نتجاوز ذواتنا الباحثة عن الآخر وعن العلاقة الثنائية الأزلية بين الأنثى والذكر .
إجابة أخرى معاكسة للأولى كانت من صديق شعرت بصدقه، وبصدق نظرته للمرأة، وكونه متواجداً ضمن قائمة الأصدقاء من فترة طويلة، وكنت أتابع تفاعله مع المواضيع الجادة وبحياد، فقد سعدت برأيه وبنظرته للمرأة الزميلة في العمل، فقد أوضح بأن طاقة المرأة كبيرة، ومخزون العطاء عندها مليء فقط إذا أحست بالأمان في محيط عملها، والأمان هو أن تشعر بتقبل الآخر لها، والاقتناع بفكرها، وإنتاجها بغض النظر عن النظرة الجندرية، كم نحتاج في العمل وهنا في هذه الفسحة لأمثال هذا الصديق، عندها فقط ستبذل المرأة أقصى طاقاتها وهي مرتاحة بتأدية الواجب، لا تبذله لتثبت وجودها وقدرتها على العمل !!
هذه مقتطفات من إجابات بعض الصديقات على السؤال فلا يمكن أن نغفل رأيها في ما هو حاصل نتيجة هذا الاختلاط، صديقة منهن حملت المرأة مسؤولية ما تتعرض له، وهي وحدها القادرة على تحديد نوع التعامل معها من خلال عملها، أو تواجدها في العالم الافتراضي، وصديقة أخرى وهي بالمناسبة كاتبة وجادة كانت إجابتها تشعرك بالمرارة لما تتعرض له المرأة من مضايقات بصفتها الأنثوية، سواء في العمل أو في العالم الافتراضي .
هذا مختصر لنقاش طويل حصل على صفحتي بالفيس بوك، يحمل الجدلية نفسها القائمة بين المرأة ككائن بشري يمثل مع الذكر نواة الحياة وعنصرها الرئيسي، وبين نظرة المجتمع بشقيه لها، لا يمكن هنا أن نغفل أن المرأة إنسان مكتمل الإنسانية، ويجب أن تعامل وفق هذا أينما كان تواجدها، لنخرج من بوتقة النظرة السلبية لها، نترك الحكم للإنتاجية في مجال إنتاجها لنتجاوز عقبة العادات والتقاليد البالية، ونكون فكر يليق بهذه التقنيات التي جاءت لنا هبة، على طبق من ذهب، ليثبت كل وجوده وفق كفاءته وقدرته على العطاء، لا وفق صفات بيولوجية، قد تظلم طرفاً على حساب الآخر.
لنساء الليلك أقول : الليلك من فصيلة الزيتونيات، يتحمل العطش والظروف القاسية، وينبت بين الصخور، لنكون الليلك في كل قوته وتحمله وجماله أيضاً .