منوعات

حكايات من دفتر خطط الرائدات الريفيات لمواجهة الموروثات الخاطئة


آية عامر:


نشر في:
الأحد 10 سبتمبر 2023 – 10:53 م
| آخر تحديث:
الأحد 10 سبتمبر 2023 – 10:58 م

• ريهام تسعى لصنع أجيال بلا ختان.. وهناء تدرب السيدات على تسويق مشروعاتهن
• مسئولة بوزارة التضامن لـ«الشروق»: الرائدة الريفية ترفع مستوى التوعية المجتمعية

ما بين قصص ملهمة وتحديات تسعى الرائدات الريفيات إلى مساعدة الدولة فى صنع مجتمع سوى متكافل، وعلى نحو يدعم مفهوم الحماية الاجتماعية الشاملة، فينتشرن فى ربوع مصر لتقديم العون لسيدات مصر، تحت إشراف وزارة التضامن، وأصبحت مهمتهن كالجنود لكنهن يحملن سلاح الوعى، لمحاربة السلوكيات الخاطئة، بل وتقديم يد العون فى مجالات مختلفة.

والرائدة الريفية لديها دور كبير فى المجتمع، باعتبارها حلقة الوصل بين مؤسسات الدولة وسيدات القرية، وعليهن دور كبير فى التوعية بمختلف القضايا كخطورة الزيادة السكانية وختان الإناث، ومحاربة الشائعات.

«الشروق» التقت بعدد من الرائدات الريفيات، للتعرف على دورهن فى مواجهة الظواهر المجتمعية السلبية، وتوعية السيدات فى القرى والريف.

فى البداية تقول الرائدة الريفية، ريهام ناجى، من محافظة قنا، إنها من أوائل دفعة 2013 بكلية التجارة، لكن حبها للعمل الاجتماعى دفعها للإقدام على هذه الخطوة منذ أربعة أعوام، بدعم من زوجها الذى يعمل بإدارة التخطيط العمرانى بديوان محافظة قنا، لتفهمه عمل الرائدة الاجتماعية وأهميته فى تغيير وعى الناس.

أضافت ريهام البالغة 32 عامًا، أنها تحب مساعدة الناس، وتفرح بسماع الدعاء الصادق لها من قلوبهم، وترى أن تغيير معتقدات الناس عن تعليم البنات وزواجها، ومكافحة الختان هو أكبر مساعدة للجيل الجديد، مشيرة إلى أن أفكار العزوة والولد أفضل من البنت ما زالت تؤثر على قرار الإنجاب فى الأسر.

تجربة ريهام فى مناهضة ختان الإناث، تؤكد أن القانون وإعلام الناس بالعقوبة التى يمكن أن يتعرضون لها، يحد من الممارسات الضارة المرتبطة بالعادات والتقاليد، مثل زواج الأطفال وجريمة الختان، وأوضحت أن الكثير من الأطباء المعروفين فى قنا توقفوا عن ختان البنات؛ خوفا على سمعتهم، وحرصا على عدم وقوعهم تحت طائلة القانون، لكن البعض يرتكب هذه الجريمة فى الخفاء، والأهالى لم تعد تبيح بسر ختان بناتهن خوفا من العقوبات القانونية.

وقالت هناء حسين، إنها تدرب السيدات على تسويق الدواجن عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وكيفية اختيار وإدارة وتسويق المشروعات متناهية الصغر، وتضم مجموعة بها أكثر من 68 سيدة وفتاة بقرية «أبا الوقف» بمركز مغاغة فى المنيا، تأتى إليهن، من قريتها «إدقاق المسك» التابعة لمركز مطاى، بعد استقلال 5 وسائل مواصلات.

وأضافت أن التدريب ساعدها للتواصل عبر الواتساب مع السيدات لترويج مشروعها عن رسم الحنة الذى بدأ بهواية منزلية بينها وأقاربها، ثم تحول إلى مشروع مربح، رغم أن رسمة الحنة الواحدة سعرها فقط 5 جنيهات.

وذكرت هناء أنها قضت 14 عامًا فى العمل كرائدة اجتماعية، بوحدة إدقاق المسك الاجتماعية، سبقها سنوات من العمل التطوعى فى المجال التنموى، منذ حصولها على دبلوم التجارة من 24 سنة.

أما بسمة على محمود، الرائدة الاجتماعية بوحدة الرمل بإدارة شرق الإسكندرية، والتى التحقت بالعمل منذ عامين للمساهمة فى نشر التوعية بالسلوكيات الاجتماعية الإيجابية، والتوعية بخطورة العادات السلبية، تقول إنها أحبت العمل التطوعى، رغم علمها بعائده البسيط، لكنه تخصصها الدراسى إذ تخرجت من قسم الاجتماع كلية الآداب جامعة الإسكندرية، كما أنها تحب التواصل مع الناس، وتقديم المساعدة والمشورة.

بسمة التى توفى زوجها فى 2019، لديها طفل يبلغ 4 سنوات ونصف، وتحصل على معاش والدها، للإنفاق على أسرتها الصغيرة، اختارت أن تقدم خدماتها لمستفيدات «تكافل» وإرشادهن للفرص التى تتيحها الجمعيات الأهلية، من القروض الميسرة، وفرص التدريب على العمل.

وتجمع بسمة مستفيدة «تكافل وكرامة» فى اللقاءات التى تنظمها وزارة التضامن، للإعلان عن خدمات أو توعية للأسر المستفيدة، وقالت إنها تركز دائما على قضية أن العمل شرف فى كل عمر، باعتبارها من أهم قضايا برنامج وعى.

وتعتبر بسمة أن التوعية بقضايا «وعى» جزء من مهمة عملها كرائدة اجتماعية، وفى بعض الأحيان تنظم بسمة لقاءات خاصة للسيدات مع الأطباء وعلماء الدين للرد على استفساراتهن، وتتناول الموضوعات المختلفة لبرنامج وعى فى الندوات كالزواج المبكر والاكتشاف المبكر للإعاقة، فضلا عن تدريب الأمهات على التربية الإيجابية للأطفال، وكيفية التعامل معهم من عمر يوم حتى 18 عامًا.

لم تغفل بسمة عن دور وسائل التواصل الاجتماعى، فى متابعة 200 أسرة مكلفة بمتابعتها، فدشنت جروبات خاصة للإعلان عن الندوات ومناقشة قضايا بعينها مثل تنظيم الأسرة، أو ختان البنات، فضلا عن المشاركة وتبادل الآراء فى العمل والأفكار والمقترحات.

تختار بسمة أحيانا أيام وأماكن تجمع الأسر المستفيدة من برنامجى تكافل وكرامة، لتتواصل معهن وجها لوجه، أمام مكتب البريد أو البنوك، فى توقيت صرف مستحقات تكافل وكرامة، وذلك بالإضافة إلى ندوات التوعية بأضرار التدخين والهجرة غير الشرعية وأهمية النظافة والأكل الصحى.

ومن جانبها، قالت منى أمين، مستشارة مبادرة «وعى» بوزارة التضامن الاجتماعى، إن برامج الحماية الاجتماعية تستهدف مجتمعات لها طبيعة وثقافة محافظة وتختلف من منطقة إلى أخرى، وهذا يتطلب التركيز على التواصل المباشر برسائل مصممة بعناية لمراعاة هذه الاختلافات.

وأوضحت منى أمين لـ«الشروق»، أنه دور الرائدة المجتمعية يتلخص فى رفع مستوى التوعية المجتمعية بالقضايا المطروحة فى برنامج «وعى» وهى 12 موضوعا، والتأكد من المشروطية ومتابعة الاستحقاق، ورصد وإحالة ومتابعة الحالات الأشد احتياجا.

وأكدت مستشارة مبادرة «وعى» أن مشرفات الرائدات الاجتماعيات يتابعن تنفيذ خططهن والتحقق من المؤشرات المستهدفة، إذ تؤدى المشرفات دور المراقب اللصيق للتأكد من دقة البيانات الخاصة بالأسر المستهدفة وقيام الرائدات بالزيارات المنزلية والندوات الجماعية والمكالمات الهاتفية بانتظام، وإجراء جلسات تدريب أثناء العمل فردية وجماعية حسب الحاجة.

وأضافت أمين أن كل رائدة اجتماعية ترتبط بعدد من الأسر المستهدفة بواقع 200 أسرة لكل رائدة، تقوم بزيارتها على الأقل مرة واحدة ربع سنويا، بالإضافة إلى تنفيذ الندوات التثقيفية وتوزيع المواد الإعلامية والبطاقات الخاصة بالبرامج المختلفة.

وأوضحت أن برنامج التواصل المجتمعى يستهدف حوالى 4 ملايين أسرة سنويا، مما يتطلب توافر 20 ألف رائدة اجتماعية ويتوفر منهن حاليا 14 ألف فقط والاختيارات جارية الاستكمال الأعداد المطلوبة، لافتة إلى أنها تقوم حاليا ببناء قدراتهن وبتدريبهن وإعدادهن للمساهمة فى خطة التواصل المجتمعى، وهذا يحتاج إلى زيادة الموارد المالية فى بند التدريب.

وذكرت أمين أن الوزارة أيضا قامت بالاستعانة بالعاملات فى الجمعيات الأهلية العاملة فى القضايا المجتمعية لاستكمال خطة التواصل المجتمعى على مستوى الجمهورية، ما يستلزم أيضا زيادة فى الموازنة لتدريبهن وتوحيد المفاهيم والرسائل بين كل الفئات العاملة داخل المجتمع.

وأشارت إلى أن من بين الشروط الواجب توافرها فى الرائدة المجتمعية، أن تكون من المجتمع المحلى الذى تعمل فيه، وألا يقل سنها عن 21 عامًا، وأن تكون حاصلة على مؤهل متوسط على الأقل، فضلا عن أن تكون حسنة السير والسلوك وتتمتع بسمعة طيبة داخل مجتمعها وأن تكون لائقة طبيا والتمتع بشخصية قيادية، وأخيرا تتعهد بالحفاظ على سرية المعلومات الشخصية.