تكتيك سوفيتي في الهجوم الأوكراني المضاد: استنزف وتقدم

قوى مدمرة في الطريق إلى ماريوبول.
الأحد 30 يوليو 2023 / 11:09
ما أن توقفت ناقلة الجند حتى بدأ السائق بالصراخ على المجنّد أوليه ووحدته لينزلوا من المركبة سريعاً. بدا السائق مذعوراً وسط تساقط قذائف الهاون في كل مكان.
بهذه الوتيرة سنكون قريباً في ماريبول
نزل 12 رجلاً دفعة واحدة من المركبة للاحتماء في كوخ مغطى بالقرميد في مكان قريب، المبنى الوحيد الذي لا يزال سليماً في المنطقة.
وتروي صحيفة “ّذا تايمز” في تحقيق ميداني من الجبهة في ماريبول إنه كان يتعين على وحدة أوليه التابعة لكتيبة أريس من جيش المتطوعين الأوكرانيين، الالتحاق بلواء المارينز الـ35 وطرد الروس من قرية ستارومياورسكي، على الطريق ت- 0158 الضيق إلى ماريوبول.
كانت القرية تعد قبل الحرب 839 نسمة، وللوهلة الأولى تبدو مدمرة ولا تستحق مزيداً من التضحيات، لكن بعد نظرة على الخريطة وتتبّع الطريق الضيق، الذي تتناثر حوله القرى، يتضح أنه يشكل مساراً إلى الساحل أكثر أماناً من الطرق السريعة الرئيسية المفخخة بالألغام الروسية.
وأشاد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بالسيطرة على تارومياورسكي في خطابه ليل الخميس، وقال: “أنباء جيدة من الجبهة…إنه جنوبنا وهم جنودنا! المجد لأوكرانيا”.
القوات الإضافية
وأعلن مسؤولون أمريكيون أن الإندفاع الرئيسي للهجوم الأوكراني يكتسب زخماً، مع زج الآلاف من القوات الإضافية والعربات في القتال من أجل الوصول إلى الساحل. لكن هنا على الطريق إلى ماريوبول، يبدو المشهد مختلفاً.
وتروي الصحيفة البريطانية أنه طريق صعب لا يسلكه إلا الجنود الأكثر حماسة. والمدرعات التي زود الغرب بها أوكرانيا ستكون معرضة للخطر في الشوارع الضيقة. وهكذا فإنه بعد قصفها بالمدفعية، باتت السيطرة على كل قرية مسألة موجعة بالنسبة للمشاة.
وألقى المسؤولون الغربيون باللوم في بطء الهجوم المضاد على الأشجار الخضراء المورقة في المنطقة والتي تسببت بإخفاء المواقع الروسية. أما السبب الحقيقي فهو أن أوكرانيا لا تملك سلاحاً جوياً ولا صواريخ بعيدة المدى- وهو أمر يسبب حرجاً للحكومات الغربية التي تتردد كثيراً في تزويد كييف ابها.
وسبق لجنود المارينز أن اجتاحوا ستارومياورسكي، بحسب ما قيل لوحدة أوليه، عندما أرسلوا إلى هناك الأسبوع الماضي. لكن الأمر لم يكن صحيحاً كله.
اقتحام المنازل
وعمد جنود المارينز إلى اقتحام منازل وإلقاء قنابل يدوية على ملاجئ تحت الأرض يعرفون أن الجنود الروس يختبئون فيها بحسب تجارب سابقة. لكن عندما دخل جنود كتيبة أريس، كان الجنود الروس ينتظرونهم في خنادق حفروها عميقاً في الحدائق وجنائن الخضار وحظائر الدجاج، وفتحوا عليهم النار.
وروى أوليه قائلاً: “لقد تركونا نقترب إلى مسافة نحو 20 متراً قبل أن يطلقوا النار…لقد باتوا أكثر ذكاءً بعدما طردناهم من نيسكوتشني”.
ونيسكوتشني هي القرية التي بنى فيها الروس خط دفاعهم الأول عن الطريق إلى ماريوبول. وتعين على الأوكرانيين تسوية القرية بالأرض حتى يتمكنوا من تحريرها. لقد تم استبدال طريقة الهجمات المعاكسة على كييف وخاركيف، بتكتيكات على النموذج السوفياتي – استنزف وتقدم.
من منزل إلى منزل
وعلى مدى الأسابيع الثمانية الماضية، قاتل الأوكرانيون في الجنوب على الطريق عبر بلاهوداتني وستوروجيف، وثم ماكاريفكا. من منزل إلى منزل، وواجه وحدة أوليه الروس بالبنادق والقنابل اليدوية والأسلحة المضادة للدبابات.
وعندما تستولي القوات الأوكرانية على خندق ليلاً، يعمد الروس إلى قصفة بالمدفعية في اليوم التالي. وبعد ذلك يعودون مجدداً للاستيلاء عليه. تبقى بعض مواقع الكتيبة معزولة لأيام، وينقطع الجنود إلا عن رشفات من المياه للبقاء على قيد الحياة وهم يحاولون دفع الهجمات الروسية المضادة.
وعلى مدى أسبوع عانت وحدة أوليه الويلات. وقال الجندي إنه شاهد رفاقه يحملون بعيداً والدماء تسيل منهم، وبعضهم مصاب بارتجاج أو صدمة. وقتل أحدهم.
وأضاف أن “تركيزهم الأكبر (الروس) كان على ستارومياورسكي في المنطقة… ولم يشاهدونا ونحن قادمون، لأنهم لم يتوقعوا أن نهاجم”.
ويقول الأب سيرهي البالغ من العمر 22 عاماً ويدير وحدة للطائرات المسيّرة، أنه لا يزال هناك 12 قرية على الطريق إلى ماريوبول “بهذه الوتيرة سنكون قريباً في ماريبول”.