“مونوغرافيا” تشرّح إبداع أحد رواد الحداثة الفنية المغربية عبد الكريم الوزاني

عمل مونوغرافي هو الأول من نوعه صدر حول تجربة النحات والتشكيلي المغربي عبد الكريم الوزاني، الذي يعد من “رواد الحداثة الفنية المغربية”.
هذه المونوغرافيا الصادرة عن “كاليري كينت” بطنجة، شارك في إعدادها مؤرخون للفنون ونقاد فنيون وباحثون في حقل الفنون البصرية، هم: موليم لعروسي وشرف الدين ماجدولين وعبد الكريم الشيكر وفيليب بولون.
ووفق معلومات استقتها هسبريس، فإن أهمية هذا العمل الجديد يتجلى في إخراج مونوغرافيا “تحليلية متكاملة تسعى إلى الإحاطة بمجمل الإنتاج الصباغي والنحتي لعبد الكريم الوزاني على امتداد أزيد من ثلاثة عقود، علما أن هذا الفنان لم يسبق أن صدرت مونوغرافيا حول مساره الفني الطويل، رغم صدور عدة كتب جميلة، وعدة أوراق نقدية منشورة في الصحافة؛ لكنها لم تتوج بعمل مونوغرافي دقيق وشامل”.
لهذا، “كان هذا الحرص من طرف الرواق والباحثين لإصدار هذا العمل، وتوفير مادة معرفية وفنية للباحثين في حقل الفنون البصرية بالمغرب، واستكمال عمل عدد من الباحثين نشروا مونوغرافيات أهم رواد الفن في المغرب، مثل عبد الكبير ربيع وسعد بن السفاج، وآخرين؛ وهي تشكل الآن رصيدا نقديا وتحليليا وتاريخيا هاما في هذا الحقل”.
وحظي هذا العمل بـ”دعم كبير من الفنان الذي حرص على توفير المادة الفنية، ومختلف المرجعيات النقدية التي صدرت عنه، وتوجد في أرشيفه”، ثم امتد الاشتغال أكثر من سنتين قبل أن يصدر في شهر أبريل الجاري.
ويهتم الكتاب بالمنجز الفني للوزاني، ومحطات تطوره، ومرجعيات مبدعه، وأثره، علما أنه من “رواد الحداثة المغربية، وصاحب انعطافة أساسية في الأسلوب التشكيلي داخل مدرسة تطوان، الذي كان معروفا بنزعته التشخيصية المسترسلة عبر الزمن، منذ مرحلة ما قبل الاستقلال”.
وتجلت انعطافة الوزاني في “ذلك النزوع إلى تقديم عمل قد يبدو لنا في البداية طفوليا، يشتغل على مادة لَعِبية، لها أفقها التجريدي الواضح، دون مغادرة الحيز التشخيصي العام الذي كانت عليه المدرسة؛ فالوزاني تشخيصي خارج التشخيص وتجريدي خارج التجريد، حيث يجمعهما معا، ويسعى لخلق مواءمة بين الأسلوبين تقدم اقتراحا بصريا له فرادته وله بلاغته وقدرته على الإقناع”.
كان عبد الكريم الوزاني في بدايته “لا يحظى بإقبال جامعي التحف الفنية في الحقل البصري بتطوان، المتعودين على نمط معين؛ بل كان، إلى حدود أواخر الثمانينات، لا يبيع بقدر ما يبيع زملاؤه وجيله. وكان من يقتني أعماله، وفق شهادته، يؤثث بها غرف الأطفال، أي إنها لم تكن تعتبر أعمالا جدية”.
لكن، مع مواصلة “عمله وتطوير اقتراحاته” استطاع الوزاني “إعادة تشكيل المزاج العام، وإعادة تشكيل طبيعة التلقي في محيطه والمحيط المغربي والجوار؛ فمنحوتاته تؤثث اليوم مجموعة من الفضاءات المتوسطية، وهو الآن من بين الفنانين الأساسيين الذين تؤثث منحوتاتهم الفضاءات العمومية المغربية، في شوارع تطوان وفاس والرباط مثلا، لا في الأروقة والمتاحف والمجموعات الخاصة فقط”.