اخبار المغرب

كيف ينبعث المغرب من حزنه؟

كاريكاتير: عماد السنوني

هسبريس – علي الوكيليالجمعة 15 شتنبر 2023 – 19:13

حين أسمع عبارة “ملعب الانبعاث” أسترجع صور مدينة أكادير وهي حطام شبه كامل وجثت فوق ما يحصى، وخطاب محمد الخامس الذي يعِد ببعث المدينة من ترابها وحجرها المنهار، فتسري في قلبي طمأنينة على المغرب بعد رؤية المدينة المنكوبة وكيف تحولت إلى واحدة من أجمل المدن وأكثرها أمنا وأمانا. كل هذا يبعث على الأمل في انبعاث حوزنا وملكنا ومملكتنا من هذه الكارثة “الغادرة”.

نعم، أصابنا الزلزال بشكل غير متوقع، وقتل منا المئات، وحطم آلاف المباني، وأصاب البنيات التحتية الفقيرة الهشة إصابات واسعة، وحول المنطقة المنكوبة إلى مشاهد من نهاية العالم، فماذا نحن فاعلون؟ نستمر في رثاء موتانا والبكاء مع الأحياء منعدمي الحيلة؟ نبرع في تدبيج الهجاء واللوم على العامل البشري في المأساة؟ نعوض المتضررين ونقفل الملف؟ نبخس رد فعل الحكومة لأن عملها بطيء وغير كاف، مع جرعة كبيرة من سوء النية؟.

التدخل الحاسم لجلالة الملك نقل المأساة من الكلام العابر إلى الجدية المادية بالقرارات المدروسة بعناية حسب الأولويات، لنطمئن نهائيا على محو كل الآثار الحزينة للزلزال؛ ولن تمر سنة أو سنتان حتى يستعيد الناس حياتهم بشكل أحسن وأكثر أمانا مما كان قبل الكارثة. وسنزور الحوز وتارودانت وأخواتهما ونطمئن على استحالة استرجاع نوستالجيا المكان، إلا ما كان وشما تاريخيا تجب إعادة تأهيله لرتق تاريخ البلاد.

لكن، نحلم بمغرب جديد لا يختلف فيه الشمال عن الجنوب والشرق عن الغرب، نحلم بتنمية متساوية عادلة لكل جهة وإقليم. يجب دفن معيار المردودية اللئيم، وازدراء أطراف من التراب الوطني لأنها لا حاجة لها في الطريق السيار أو المستشفى الجامعي أو النفق الطرقي الذي يختصر عشرات الكيلومترات أو المواصلات من نوع جيد حافظ للروح والكرامة، واللائحة طويلة لما تستكثره هذه المعايير على الشعب المغربي.

الحياة رائعة وسهلة، غير شاقة في طنجة والرباط ومراكش، لكنها صعبة في فكيك وبوعرفة وإفني وبويزكارن. تقطع المسافة بين الرباط ووجدة بسهولة وارتياح، لكنك تشقى بين مراكش وزاكورة، إلا إذا كنت ميسورا تركب الطائرة. تبحث عن طبيب مختص في بني ملال فلا تجده سوى في فاس أو الرباط. أين توجد مستشفيات الأنكولوجيا ومصحات الكلى؟ في هذا المغرب المنسي لا يجد الناس أحيانا مصلا مضادا لسم العقارب أو الأفاعي وأحيانا لعضة كلب مسعور.

لن أمضي في وصف المفارقات التنموية بين المدن والقرى المغربية، لكن أنادي بوضع دراسة شاملة لحاجيات المغاربة في كل مكان، وتخصيص غلاف مالي كافٍ لتحقيق العدالة بين المغاربة. وقد يكون هذا الزلزال نقمة في طيها نعمة كما حصل لأكادير والحسيمة، فنرى الحوز وجيرانه وما تحت الأطلس الصغير إن شاء الله في أحسن صورة يتمناها مواطن غيور على بلده.

المغرب زلزال الحوز