اخبار فلسطين

بايدن يحذر من أن “العلاقة الخاصة” مع إسرائيل على المحك بعد غياب اجماع على الإصلاح القضائي

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه ينبغي على قادة إسرائيل التمهل في خطتهم المثيرة للخلاف لإصلاح القضاء والسعي بدلا من ذلك لتحقيق إجماع واسع مع أحزاب المعارضة بشأن هذه القضية، وحذر من أن “العلاقة الخاصة” بين البلدين يمكن أن تتعرض لضرر لا يمكن إصلاحه.

وأدلى بايدن بهذه التصريحات للكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان، الذي جلس معه في البيت الأبيض يوم الثلاثاء بعد اجتماع الرئيس الأمريكي في وقت سابق من اليوم مع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، الذي يزور واشنطن.

حزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، “الليكود”، وحلفاؤه من الأحزاب اليمينية المتطرفة والحريدية ماضون قدما بخطتهم لإصلاح القضاء، التي قوبلت باحتجاجات حاشدة مستمرة منذ شهور، حيث يقول منتقدو الخطة إنها ستضعف سلطة المحكمة في التصرف كجهاز ضوابط وموازين أمام الكنيست، وستؤدي إلى تآكل الأسس الديمقراطية لإسرائيل بشكل خطير.

بالإضافة إلى قيام المتظاهرين بإغلاق الطرق وتشويش حركة النقل العام، شهدت الحركة الاحتجاجية أيضا تهديد مجموعات من جنود الاحتياط بوقف التطوع للخدمة العسكرية في مهام رئيسية خاصة بما في ذلك قيادة الطائرات المقاتلة إذا استمرت عملية التشريع. وبالمثل، دعا قادة الأعمال والطواقم الطبية إلى إضرابات احتجاجا على خطة الإصلاح.

متحدثا لفريدمان، أعرب بايدن عن دعمه العلني للحركة الاحتجاجية.

وقال: “من الواضح أن هذا مجال لدى الإسرائيليين آراء قوية تجاهه، بما في ذلك في حركة احتجاج دائمة تظهر حيوية الديمقراطية الإسرائيلية، التي ينبغي أن تظل في جوهر علاقاتنا الثنائية”.

وأضاف بايدن أن “التوصل الى اجماع حول مجالات السياسة العامة يعني أخذ الوقت الذي تحتاجه”، وتابع قائلا “لإجراء تغييرات كبيرة، هذا ضروري. لذا فإن توصيتي للقادة الإسرائيليين هي عدم التسرع. أعتقد أن أفضل نتيجة هي الاستمرار في السعي إلى أوسع اجماع ممكن هنا”.

وقال فريدمان إن الإدارة الأمريكية ترى في قضية الإصلاح القضائي منافسة على جوهر الديمقراطية الإسرائيلية أكثر من كونها نقاشا بين خصوم سياسيين.

وكتب فريدمان أن الرئيس الأمريكي “يحاول أن يحترم حق إسرائيل في اختبار مسارها دون تدخل حليفها الأمريكي في مسألة داخلية”، لكنه أوضح في الوقت نفسه كيف يمكن للتطورات أن تؤثر على علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحضر جلسة للكنيست في 10 يوليو، وعلى جانبيه يجلس الوزيران من الليكود ياريف ليفين (يسار) ويسرائيل كاتس. (Menahem KAHANA / AFP)

وكتب فريدمان، “إنه [بايدن] يناشد نتنياهو وأنصاره عمليا لفهم أنه إذا لم يُنظر إلينا على أننا نشارك القيمة الديمقراطية، سيكون من الصعب الحفاظ على العلاقة الخاصة التي تتمع بها إسرائيل والولايات المتحدة في الأعوام الـ75 الأخيرة ولـ75 عاما قادما”.

وقال “الرسالة للإسرائيليين من اليمين واليسار والوسط: قد يكون جو بايدن آخر رئيس ديمقراطي مؤيد لإسرائيل. أنتم تتجاهلون على مسؤوليتكم مخاوفه الصادقة”.

بعد التدخل في عدة مناسبات في الأشهر الأخيرة لتحذير حكومة نتنياهو من عدم الدفع قدما بالنسخة الأصلية من الإصلاح القضائي واعتماد إصلاحات قضائية فقط إذا حظيت باجماع، لم يشر بايدن على وجه الخصوص إلى هذه القضية خلال تصريحاته للصحافة عندما التقى مع هرتسوغ.

أبقى الرئيس الأمريكي على تصريحاته إيجابية إلى حد كبير، حيث سلط الضوء على التزامه للدولة اليهودية وللعلاقات الأمريكيةالإسرائيلية قبل استعراض قائمة مختصرة بالإنجازات في الشرق الأوسط.

ولكن في اللقاء بينهما وراء الأبواب المغلقة قال بايدن لهرتسوغ أنه من الضروري لقادة الإئتلاف والمعارضة التوصل إلى تسوية بشأن الإصلاح القضائي، بحسب مسؤول إسرائيلي شارك التفاصيل مع الصحافيين بعد اللقاء شريطة عدم الكشف عن اسمه.

وقال هرتسوغ لبايدن إنه يعمل على ايجاد أرضية مشتركة بين الطرفين وأنه يؤمن في المفاوضات التي دعا إليها، ولكنها متوقفة حاليا، حسبما قال المسؤول الإسرائيلي.

انهارت المحادثات الشهر الماضي واستأنفت الحكومة منذ ذلك الحين التقدم في الإصلاح، حيث تستعد لتمرير أول تشريع من الحزمة المثيرة للجدل الأسبوع المقبل مما أعاد إحياء الحركة الاحتجاجية أثناء هذه العملية.

صحفي النيويورك تايمز توماس فريدمان (Rebecca Zeffert/Flash90)

وقال هرتسوغ للصحفيين من أمام البيت الأبيض بعد اللقاء إن قرار بايدن أن يسأل بشأن خطة الإصلاح لم يكن يهدف إلى “إزعاج” إسرائيل، بل أنه نابع من “قلق عميق” بشأن ديمقراطية البلاد. تأكيدات هرتسوغ جاءت كما يبدو للرد على بعض حلفاء نتنياهو، الذين انتقدوا أو رفضوا الانتقادات لخطة الإصلاح القضائي من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين باعتبارها تدخل غير لائق في الشؤون الداخلية الإسرائيلية.

يوم الإثنين وافق بادين على لقاء نتنياهو في وقت لاحق من هذا العام بعد أن رفض توجيه الدعوة له إلى البيت الأبيض منذ إعادة انتخاب رئيس الوزراء قبل سبعة أشهر وتحدث مرارا ضد خطة الحكومة لإصلاح القضاء وضد الأعضاء “المتطرفين” فيها الذي يدعمون النمو الاستيطاني دون قيود في الضفة الغربية.

ومع ذلك، لم يكن هناك توضيح رسمي حول موعد ومكان عقد اللقاء، مما أدى إلى تكهنات في وسائل الإعلام بأن اللقاء لن يكون زيارة رسمية للبيت الأبيض بل محادثات على هامش الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

بعد ان أدلى بايدن وهرتسوغ بتصريحاتهما العلنية في البيت الأبيض، تدفقت عليهما الأسئلة من كل جانب من الصحفيين الذين احتشدوا في المكان. مراسلة القناة 13 الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة، نيريا كراوس، زعمت أن احد الناسخين في البيت الأبيض أكد لها أن بايدن رد بـ”نعم” على استفسارها عما إذا كان نتنياهو قد دُعي إلى البيت الأبيض.

ومع ذلك، أفاد آخرون حضروا في ذلك الوقت أنه لم يتضح لمن وجه بايدن حديثه في رده.

الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج الجناح الغربي للبيت الأبيض بعد اجتماعه مع الرئيس جو بايدن، الثلاثاء، 18 يوليو، 2023، في واشنطن. (AP Photo / Jacquelyn Martin)

وقال مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، في محاولة منه إلى تبديد التكهنات بأن اللقاء سيعقد في الأمم المتحدة، للقناة 12 يوم الثلاثاء إن بايدن دعا نتنياهو إلى البيت الأبيض، وأن اللقاء سيُعقد في سبتمبر.

كما قدم هنغبي تفاصيل جديدة بشأن المكالمة الهاتفية يوم الإثنين بين نتنياهو وبايدن والتي تضمنت الدعوة، قائلا إن رئيس الوزراء أكد للزعيم الأمريكي أن الجزء الوحيد من الإصلاح القضائي الذي سيتم مناقشته بعد العطلة الصيفية للكنيست هو تشكيل لجنة اختيار القضاة. يسعى الائتلاف لتغيير التمثيل في اللجنة التي تختار قضاة المحاكم، مع منح الحكومة الأغلبية.

وفقا لهنغبي، قال نتنياهو لبايدن أنه خلال عطلة الكنيست سيبذل جهودا كبيرة للتوصل إلى “إجماع عام واسع” حول كيفية اختيار القضاة.

في الأسبوع الماضي كتب فريدمان مقالا حذر فيه من أن إدارة بايدن تعيد تقييم علاقاتها مع حكومة نتنياهو، وسط قلق أمريكي متزايد من خطوات الإئتلاف اليميني المتطرف الإسرائيلي.

وقال فريدمان إن بايدن يعتقد أن الحكومة تستخدم دفعها للإصلاحي القضائي كستار دخاني للانخراط في “سلوك راديكالي غير مسبوق… يقوض مصالحنا المشتركة مع إسرائيل، وقيمنا المشتركة والرواية المشتركة ذات الأهمية الحيوية حول وضع الضفة الغربية التي تبقي على آمال السلام هناك بالكاد على قيد الحياة”.

مقال الرأي، الذي كُتب تحت عنوان “إعادة التقييم الأمريكية لحكومة نتنياهو قد بدأت”، هو الأحدث من عدة مقالات نشرها فريدمان منذ انتصار كتلة اليمين بزعامة نتنياهو في انتخابات نوفمبر.

وتقول حكومة نتنياهو وأنصار الإصلاح القضائي إن التشريعات ضرورية لكبح جماح ما يرون أنه نظام قضائي مفرط في التدخل ويميل إلى اليسار.