اقتصاد

قش القصب ثروة مهدرة في الهواء.. عقوبات مشددة على الحرق ومزارعون: لا يوجد شركات لجمعه


حمادة عاشور


نشر في:
الثلاثاء 23 يناير 2024 – 7:47 م
| آخر تحديث:
الثلاثاء 23 يناير 2024 – 7:51 م

عقوبات مشددة على الحرق.. المزارعون: لا يوجد شركات لجمع القش
مسئول بمديرية الزراعة: يجب توفير الشركات أولا ثم معاقبة المخالفين
300 ألف فدان مزروعة بمحصول القصب على مستوى الجمهورية
«اتحاد التنمية المستدامة»: يحتوى على نسبة 6% من البروتين ويمكن استخدامه كعلف حيوانى

أزمة جديدة أطلت برأسها بين مزارعي قصب السكر بمحافظة قنا، على خلفية قرار المحافظ، بتفعيل قانون تنظيم المخلفات، وتجريم حرق قش قصب السكر أو ما يطلق عليه “سفير القصب” وتطبيق غرامة مالية تصل إلى مليون جنيه للمخالفين، وذلك تزامنا مع بدء موسم عصير القصب الذي انطلق منذ أيام قليلة بمصانع دشنا ونجع حمادي وقوص.

وحصلت ” الشروق” على صورة من قرار محافظ قنا اللواء أشرف الداودي، الذى وجهه إلى المديريات والوحدات المحلية، لتفعيل قانون تنظيم المخلفات واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يحرق قش القصب داخل الأراضي.

عبد الرحمن على، مزارع في قنا، قال إن مزارعي القصب بالمحافظة فوجئوا بقرار المحافظ بالتشديد على عدم حرق مخلفات قصب السكر” القش” بداخل الأراضي عقب كسر المحصول وتوريده إلى المصانع، ومن يخالف تحرر الجمعية الزراعية محضراً ضده وتغريمه بمبلغ مالي كبير، مضيفًا أن المسؤولين أخبروهم بأن هناك شركات تقوم بشراء هذا القش وتقوم على إعادة تدويره، واستخدامه مرة أخرى، إلا أن المزارعين لا يعرفون شيئا عن هذه الشركات ولم يسمعوا عنها أيضا، قائلا “وأحنا مش عارفين نعمل إيه”.

في حين قال إسلام إبراهيم، مزارع، إنه منذ عشرات السنين يحرق بقايا محصول قصب السكر بعد الانتهاء من كسره وإرساله لمصانع السكر، لزراعة السلالة الجديدة، وصدم بقرار المحافظ بمنع حرق القش، موضحًا: “مطلوب من المزارعين البحث عن الشركات التي تقوم بإعادة تدويره وبيعه لهم”.

قرار المحافظ تسبب فى حالة من الغضب لدى المزارعين، لعدم معرفتهم بشركات جمع القش، الأمر الذى قد يجعل بعض المزارعين يقدمون على حرق القش ليلًا بعيدًا عن أعين الأجهزة الرقابية لعدم وجود آلية للتخلص من قش القصب بعيدًا عن حرقه.

علق رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة قنا أسعد محمد، على القرار بأنه يوجد نحو 300 ألف فدان مزروعة بمحصول القصب على مستوى الجمهورية منها 120 ألف فدان بمحافظة قنا، وكل فدان من هذه الأراضي ينتج منها 2 إلى 4 طن مخلفات “سفير القصب”، وهذا القرار قد يعود بالفائدة من جوانب عدة.

وقال رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة لـ”الشروق”، إن سفير القصب يعتبر إنتاج فاقد للاقتصاد القومي، إذ يمكن الاستفادة منه في كثير من الصناعات والأعلاف حيث إنه يحتوى على نسبة 6% من البروتين ويمكن استخدامه كعلف حيواني وهو مستساغ للمواشى، والتقليل من استيراد مواد العلف والحد من ظاهرة ارتفاع أسعارها، بالإضافة إلى استخدامه كسماد عضوي والتقليل من الأسمدة الكيماوية، وتخفيض معدلات التلوث البيئي الناشئ عن حرق المتبقيات هذا بالإضافة إلى زيادة إنتاجية وخصوبة الأراضي في حال عدم حرقه.

ولفت إلى أن إدارة شئون البيئة، أطلقت مبادرة في 2016 لمنع حرق السفير وإعادة تدويره مرة أخرى، وعقدت سلسلة ندوات للتوعية بذلك، وأنشئت شركات وجمعيات أهلية ممولة من إحدى الجهات عن طريق وزارة البيئة من أجل القيام بهذا الدور.

وكشف مصدر بمديرية الزراعة بمحافظة قنا، فضل عدم ذكر اسمه، لـ”الشروق” أن قش القصب كان من المفترض أن يكون مصدرًا من موارد الجمعيات الزراعية، وكان يجب أن تقوم الجمعيات التعاونية بجمع القش من المزارعين والربط مع شركات إعادة تدويره، إلا أن قلة العاملين في الجمعيات الزراعية منعهم من القيام بهذا الدور.

وعلق على قرار معاقبة المخالفين: بالفعل جرى توزيع قرار المحافظ على كل المديريات وتم التنبيه على المزارعين بعدم حرق قش القصب، ومن يخالف القرار يطبق عليه القانون بغرامة مالية تبدأ من 50 ألف وتصل إلى مليون جنيه بالإضافة إلى الحبس مدة لا تزيد عن عام.

وفي هذا السياق، كشف مدير اللجنة الإقليمية لمحصول القصب بمديرية الزراعة بمحافظة قنا أيمن كمال، عن اختفاء شركات المعنية بإعادة تدوير قش القصب والتي تتبع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو”، قبل موسم حصاد قصب السكر، بالرغم من توقيع بروتوكول تعاون مع المحافظة، لجمع القش من المزارعين.

وأضاف كمال لـ”الشروق”، أن قرار حظر حرق قش القصب يأتي حفاظًا على البيئة وهو ما يجب تفعيله واستخدام هذا القش الذي يعد ثروة حقيقية ودخوله فى الكثير من الصناعات المهمة واستخراج الأعلاف والسماد منه، ولكننا على أرض الواقع لا نجد هذه الشركات، لافتًا إلى أن مديرية الزراعة بكامل قياداتها مستعدة للتعاون مع أي شركة خاصة فى هذا المجال تكون جادة، والربط بينها وبين المزارعين، فيوجد فى محافظة قنا وحدها حوالى 120 ألف فدان بها متوسط 2 طن قش لكل فدان واحد، فنحن فى حاجة إلى شركات بالإضافة إلى توعية المزارعين.

وحول تحرير محاضر للمخالفين، أشار مدير اللجنة الإقليمية لمحصول القصب بمديرية الزراعة إلى عقد جلسات ونقاشات مع المزارعين في هذا الصدد وتحذيرهم من حرق القش كونه يؤثر على البيئة والتربة، وقال: “أعتقد أنه لم يتم تحرير أى محضر لأى مزارع حتى الآن، فيجب أن تتواجد الشركات أولا وبعدها نعاقب المزارعين”.

ومن جهته، أكد وكيل وزارة الزراعة بمحافظة قنا محمد جيلاني، أن المحافظة وقعت بروتوكول تعاون مع مشروع النمو الأخضر الشامل في مصر، بمقتضاه يقوم المشروع على دعم شركات القطاع الخاص والجمعيات الأهلية العاملة فى مجال الزراعة، وهى شركات ومؤسسات غير حكومية، من أجل الحفاظ على البيئة، وهذه الشركات من المفترض أنها موجودة وتقوم بشراء محصول قش القصب من المزارعين.

وأوضح مدير مشروع النمو الأخضر الشامل فى مصر المدعوم من منظمة “اليونيدو” عمر طاهر، أنه يوجد حاليًا 8 شركات تعمل بداخل قنا والأقصر جرى إنشائهم خلال العامين الماضيين و4 جمعيات أهلية تمتلك معدات زراعية تقوم على إعادة تدوير القش، ومن المفترض أن تزيد هذه الشركات خلال الفترة المقبلة،
وردا على شكوى المزارعين ومسؤولي وزارة الزراعة من غياب الشركات في قنا قال طاهر، أنه سيتم التواصل مع المزارعين ومديرية الزراعة وأصحاب الشركات للتنسيق لبدء العمل على جمع قش القصب من المزارعين خلال الأيلام المقبلة.