تكنولوجيا

آبل تسحب قضيتها ضد برنامج التجسس الإسرائيلي الأخطر عالميًا «بيجاسوس»!

في عام 2011؛ طورت شركة NSO  التابعة للاحتلال والمتخصصة في تطوير برامج التجسس والأنظمة الأمنية الإلكترونية، برنامج تجسس أطلقت عليه اسم «بيجاسوس – Pegasus». بيجاسوس هو برنامج خبيث (Malware) يصيب أجهزة الآيفون والأندرويد. تدعي الشركة الصهيونية أنها تبيع أدواتها فقط للجهات العسكرية وأجهزة إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات في 40 دولة وفقًا لصحيفة الجارديان. كما تقول شركة NSO إنها تدقق بشكل صارم في سجلات حقوق الإنسان لعملائها قبل السماح لهم باستخدام أدوات التجسس الخاصة بها.

ولكن وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان في عام 2021؛ استطاعت فيه الوصول إلى هويات مجموعة من أرقام الهواتف المُصابة ببيجاسوس ووجدت أن الأرقام تضم مجموعة واسعة من الأشخاص الذين ليس لديهم أي صلة بالإجرام؛ إذ وجدت الصحيفة في القائمة نشطاء سياسيين وصحفيين ومحاميين ووزارء ورؤساء دول العديد من الشخصيات الهامة الأخرى التي لا صلة لها بأي جرائم.

لكن متى صدق أي كيان صهيوني؟

يمكن لعميل NSO السيطرة على الهاتف بمجرد إصابته ببيجاسوس؛ إذ يتمكن من استخراج رسائل الشخص، والمكالمات، والصور، ورسائل البريد الإلكتروني، وتفعيل الكاميرات أو الميكروفونات بشكل سري، وقراءة محتوى تطبيقات المراسلة المشفرة مثل واتساب وتليجرام وسجنال.

ولهذا؛ أقامت شركة آبل وميتا وعدة شركات أخرى دعاوى قضائية ضد NSO؛ إذ تورطت الشركة، بترخيص من الحكومة الإسرائيلية، في بيع برنامجها للتجسس إلى أشخاص أو كيانات تستخدمه في أنشطة غير قانونية خارج نطاق الأمن القومي ومكافحة الجرائم. كما استغلت الشركة ثغرات أمنية في هواتف الآيفون وخدمات ميتا دون علم الضحايا، ودون الحصول على أي إذن أو تصريح من آبل وميتا، وغيرها من الشركات التي استغلها التطبيق للتجسس على المستخدمين.

هذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية تراقب عن كثب لمن تذهب تلك التكنولوجيا، وتتحكم في ذلك من خلال منح أو رفض تراخيص التصدير؛ لذا فالمقاضاة هنا ليست ضد شركة NSO وحدها بل ضد الكيان المحتل بأكمله.

لكن في قرار مُفاجئ؛ تنازلت شركة آبل عن قضيتها ضد الشركة الصهيونية بعد ثلاث سنوات؛ إذ عللت الشركة الانسحاب بأنها تخشى أن تُستخدم المعلومات التي قد تضطر لتقديمها في المحكمة، مثل كيفية اكتشافها للاختراقات وبرامج التجسس، بشكل غير مقصود من قِبَل NSO أو منافسيها لتعزيز تقنياتهم أو تحسين أساليبهم في الاختراق والتجسس.

محاولات آبل في حماية مستخدميها من بيجاسوس سيئ السمعة!

وفقًا لمقال بجريدة الجارديان في يوليو 2024؛ فقد سُربت وثائق تفيد بأن حكومة الاحتلال أقدمت على مصادرة وثائق تتعلق ببرنامج التجسس، بيجاسوس، من شركة NSO في محاولة لمنع الشركة من الامتثال لمطالب واتساب في محكمة أمريكية بتسليم معلومات عن هذه التقنية المتقدمة. كما طلب المسؤولون من المحكمة الإسرائيلية إبقاء الأمر سرًا نظرًا لاحتواء تلك الوثائق على معلومات قد تتسبب في أضرار دبلوماسية وأمنية خطيرة إذا وصلت إلى جهات خارجية، مثل الحكومة الأمريكية.

وجاء رد فعل آبل على ذلك التسريب بعدم النفي أو التأكيد، لكنها أعربت عن قلقها بشأن صعوبة الحصول على المعلومات والوثائق المطلوبة لاكتشاف الأدلة اللازمة لدعم قضيتها ضد شركة NSO؛ إذ سيسبب الإجراء الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية في عرقلة قدرتها في الحصول على أدلة حيوية. ومن جهتها؛ لم ينفِ المسؤولين الإسرائيليين صحة الوثائق التي نشرتها الجارديان!

في الأوراق القانونية المقدمة ضمن دعواها القضائية، حذرت شركة آبل من سيناريو خطير. فقد أوضحت أنها إذا قدمت وثائقها الداخلية لمحامي شركة NSO الصهيونية، والتي تكشف عن آليات اكتشاف الاختراقات، فإن هؤلاء «المحامين أنفسهم قد يصبحون عرضة للاختراق». وشددت آبل على أهمية “معلومات استخبارات التهديدات” التي تجمعها. هذه المعلومات، التي تشمل بيانات حول المخاطر الأمنية والهجمات السيبرانية المحتملة على أنظمتها وأجهزتها، تُستخدم لحماية جميع مستخدمي آبل حول العالم. وأكدت الشركة أن أي كشف عن هذه المعلومات الحساسة، حتى تحت أشد الإجراءات الأمنية صرامة، من شأنه أن يعرض سلامة هذه البيانات الاستراتيجية للخطر؛ ما قد يؤثر سلبًا على أمن مستخدميها.

وعلى مدار الثلاث سنوات التي رفعت آبل فيهم الدعوة القضائية، كثفت شركة آبل جهودها في مجال الأمن السيبراني. وقد نجحت الشركة في تطوير منظومة متكاملة من التقنيات والأدوات المتقدمة، مصممة خصيصًا لرصد وتحديد أي نشاط خبيث أو مشبوه يهدد أجهزتها. اتسمت استراتيجية آبل في بناء قدراتها الدفاعية بالسرية التامة؛ إذ تمكنت الشركة من كشف وإحباط العديد من البنى التحتية المستخدمة في الهجمات السيبرانية على أجهزتها، بما في ذلك البرامج الضارة وبرامج التجسس المتطورة.

وسمح التطوير المستمر لتقنيات آبل في الحماية من إمكانية تحذير عملائها المُعرضين للتهديد عندما تكتشف محاولة لتثبيت برامج تجسس على أجهزتهم. وتسبب ذلك الإجراء بتوجه العديد من العملاء إلى وسائل الإعلام التي يمكنها معرفة سبب استهدافهم، بالإضافة إلى منظمات الحقوق الدولية ومنظمة العفو الدولية التي يمكنها تحليل الهواتف والتعرف على الأساليب المستخدمة في الاختراق أو التجسس. وقد أدى التدقيق المشترك إلى فضائح كبرى في عدة دول.

وأضافت آبل خيار «وضع القفل – Lockdown Mode» لمستخدميها، والذي يعمل على تقييد بعض وظائف الهاتف، والتي بدورها تعمل على ولتقليل مساحة الهجوم التي قد يستغلها برامج التجسس المتقدمة والموجهة بشكل خاص. وأعلنت آبل أنه لم يحدث أي هجمات تجسس تجارية ناجحة ضد الآيفون في وضع الإغلاق.

وضع القفل مصمم لعدد قليل جدًا من الأفراد الذين قد يتعرضون لاستهداف شخصي.

فاجئت خطوة انسحاب آبل الجميع؛ لكن هل وجدت آبل أنها معركة قضائية لا طائل لها؟ إذ من شبه المستحيل أن تصل إلى مستندات تدين NSO بعد وضع يد حكومة الاحتلال عليها، كذلك لن تتمكن من التحدث عن الإجراءات التي اتخذتها لإثبات اختراق بيجاسوس للآيفون نظرًا لإمكانية استغلالها؟ أم أن خلف الكواليس يوجد تهديدات أو أي نوع من أنواع الابتزاز الممنهج والمتبع باستمرار من قِبل بني صهيون؟ 

?xml>