إستقالة الرئيسة التنفيذية لمنصة X عقب انتقادات Grok لليهود!

استقالت ليندا ياكارينو من منصبها كرئيسة تنفيذية لمنصة X، بعد أقل من عامين على تعيينها. وقد تركت المنصة، المعروفة سابقًا بتويتر، في حالٍ أسوأ مما كانت عليه، رغم تعهداتها بتحقيق تحول جذري في نهج الشركة.
جاء إعلان استقالتها في توقيت محرج، بعد انتشار منشورات عن روبوت المنصة Grok، الذي أثار ضجة كبيرة عندما مدح هتلر وتهجم على اليهود، وهو ما فجر جدلًا واسعًا حول توجهات المنصة وفوضى إدارتها.
ياكارينو شكرت إيلون ماسك على ثقته بها، وتحدثت عن إنجازاتها، مثل حماية حرية التعبير، وتحسين أمان المستخدمين، وخاصة الأطفال، والاستعداد لإطلاق خدمة المدفوعات X Money.
سياسة المعايير المزدوجة
في خضم هذه العاصفة، سُلط الضوء على ازدواجية المعايير الغربية فيما يخص حرية التعبير. فبينما أثار تصريح روبوت الذكاء الاصطناعي Grok الموجه من المنصة، موجة غضب غير مسبوقة بسبب إشادته بهتلر، تجاهل كثيرون أن نفس المنصة تغص بمحتوى يومي يُحرض ضد العرب والمسلمين، ويدافع عن الاحتلال الصهيوني، ويُبرر جرائم الإبادة.
رد الفعل الغربي السريع تجاه أي إساءة للمجتمعات العربية، يقابله صمت كامل عندما تُستهدف قضايا عادلة، أو تُهاجَم الرموز الدينية للمسلمين، أو تُمارس الرقابة بحق الناشطين المناصرين لفلسطين. ما يُظهر بوضوح أن شعار حرية التعبير في الغرب ليس إلا أداة انتقائية تُستخدم حسب المصالح السياسية والتحالفات، وليس مبدأ يُطبق على الجميع.
فشل في إنقاذ المنصة
منذ أن تولت ياكارينو إدارة X في يونيو 2023، تراجعت أرقام المستخدمين النشطين بشكل واضح. فبحسب بيانات من منصة Similarweb، خسر التطبيق أكثر من 75 مليون مستخدم على أجهزته المحمولة في عام واحد فقط، رغم أن ماسك وياكارينو حاولا الترويج لارتفاع التفاعل على المنصة.
ياكارينو، التي كانت سابقًا مسؤولة عن الإعلانات في NBCUniversal، واجهت أيضًا تحديًا كبيرًا في استعادة ثقة الشركات المعلنة، خصوصًا بعد تصريحات ماسك المثيرة للجدل، ومنها هجومه المباشر على المعلنين. ورغم إعلانها لاحقًا عن عودة 96% من كبار المعلنين، فإن تأثيرها الشخصي في ذلك بقي موضع شك، خاصة مع ارتباط هذه العودة بعلاقات ماسك بإدارة ترامب، لا بكفاءة ياكارينو الإدارية.
وفي وقت قُدرت فيه قيمة تويتر عند شرائه من قبل ماسك بـ44 مليار دولار، تراجعت قيمته إلى 33 مليار فقط عندما استحوذت عليه شركة xAI التابعة له مؤخرًا.
تطبيق كل شيء.. حلم لم يتحقق
من أبرز الوعود التي رُفعت عند تعيين ياكارينو، تحويل X إلى: تطبيق كل شيء، على غرار WeChat الصيني، ليجمع بين التواصل الاجتماعي، والمدفوعات، والمكالمات، والخدمات الأخرى. لكن بعد عامين، بقيت المنصة في جوهرها مجرد تويتر القديم، مع بعض الإضافات الثانوية كالمكالمات الصوتية، والتبويب العمودي للفيديوهات، ولم يتم إطلاق خدمة X Money بعد، رغم إعلان ياكارينو أنها ستظهر هذا العام.
حتى المشروع التقني الذي كان يُفترض أن يكون فخر المنصة، وهو روبوت الذكاء الاصطناعي Grok، سرعان ما تحول إلى أداة تكشف عمق التناقضات في خطاب حرية التعبير.
فعندما بدأ الروبوت في طرح آراء غير مألوفة لدى الرأي العام الغربي، وتناول شخصيات تاريخية بوجهات نظر مخالفة للسردية الغربية السائدة، سارع القائمون على المنصة إلى إسكاته وإيقاف خاصية الردود النصية بالكامل، في مشهد يعكس حدود حرية التعبير عندما لا تُناسب القوى المتحكمة في الخطاب العام.
اللافت أن هذه الحادثة وقعت قبل أيام قليلة من استقالة ياكارينو، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت مغادرتها مرتبطة بهذا التوتر المتزايد داخل المنصة.
الحماية المزعومة للأطفال
رغم تكرار الحديث عن حماية المستخدمين، خاصة الأطفال، فالحقيقة على الأرض تشير إلى خلل عميق في أنظمة المراقبة داخل المنصة. ففي مطلع 2024، شهدت X انتشارًا واسعًا لمحتوى مزيف باستخدام الذكاء الاصطناعي، يظهر فيه مشاهير، وكان أبرزها صور مزيفة لتايلور سويفت حصدت أكثر من 45 مليون مشاهدة قبل أن تُزال بعد 17 ساعة.
أما فيما يخص الجرائم الأشد، مثل استغلال الأطفال، فقد كشفت تقارير إعلامية أن هناك مجموعات على X تستخدم الوسوم للترويج لمحتوى غير قانوني داخل المجتمعات الرقمية للمنصة. ورغم إعلان X عن زيادة في عدد الحسابات المحظورة بسبب ذلك، إلا أن المنصة نفسها أعادت لاحقًا حسابًا شهيرًا كان قد حُذف بسبب نشر لقطة من فيديو شهير يُستخدم في مثل هذه الجرائم.
من يقود فعلًا؟
حتى الآن، لم تُعلن ياكارينو عن موعد مغادرتها الرسمي، كما لم يعلن ماسك اسم من سيخلفها. لكن الحقيقة الواضحة منذ البداية، أن ياكارينو لم تكن سوى واجهة تنفيذية، بينما بقيت السلطة الفعلية في يد ماسك، الذي ظل يتحكم في كل كبيرة وصغيرة، من خوارزميات العرض إلى السياسة التحريرية.
يُعيد فشل التجربة طرح سؤال جوهري: هل يمكن لأي مسؤول تنفيذي أن ينجح في إدارة منصة يصر مالكها على التحكم المطلق فيها، والتصرف بها كأنها حسابه الشخصي؟ يبدو أن الإجابة واضحة.
?xml>