تجربة ChatGPT Atlas: متصفح OpenAI أراد أن يفهمني أكثر مما أحتاج!

عندما سمعت عن إطلاق OpenAI متصفحها الجديد ChatGPT Atlas، قررت أن اتخذ خطوة جريئة وأترك متصفي المألوف «جوجل كروم» المحبوب والمكروه. وأجرّب الاعتماد على «آتلاس» لأسبوع كامل، وأعيش التجربة مع متصفح يحركه الذكاء الاصطناعي قلبًا وقالبًا.
روجّت الشركة الأمريكية لمتصفح Atlas على أنه يتحدث إلي المستخدم، يفهم ما يبحث عنه، ينجز المهام بدلاً عنه، ويقدّم تلخيصات لأي تبويبة مفتوحة. بشكل مشابه جدًا لمتصفح «كوميت» لكن بعد أيام من الاستخدام، وجدت نفسي أطرح سؤالًا بسيطًا: هل فعلاً أحتاج إلى متصفح يعرف عني كل شئ؟
نشارك معكم تجربتنا السريعة لمتصفح Atlas من تطوير OpenAI وهو متاح فقط على نظام MacOS حاليًا.
تجربة متصفح Atlas: تجربة مألوفة وواعدة ولكن مُقيّدة!
لا تتوقع أي اختلافات في تصميم متصفح Atlas، فهو ياتي بشكل مطابق تقريبًا لمتصفح كروم، حيث شريط العناوين، التبويبات، وإشارات مرجعية, ولا يتشابه المتصفحان في التصميم فقط، بل في النواة أيضًا، حيث تم بناء متصفح OpenAI على نواة «كروميوم».
على يمين الشاشة هناك شريط جانبي ينبض بالحياة, ChatGPT بلحمه وشحمه، مدمج مباشرة في التجربة. الأمر ليس جديدًا على الإطلاق، فهو مشابه لمتصفح «إيدج» حيث يمكن استدعاء المساعد الذكي «كوبايلوت» في نافذة جانبية، وهو مبني على GPT-5 أيضًا بالمناسبة.
عند فتح تبويبة جديدة، يُفتح افتراضيًا «شات جي بي تي»، يمكنك من خلاله سؤاله عن أي شئ، وهو ليس مجرد صفحة عادية كتلك التي تذهب إليها، وإنما متصلة بالمتصفح نفسه وسجل استخدامك له.
يستفيد ChatGPT أيضًا من حقيقة أنه متصل بالإنترنت فيستطيع أن يقدم لك اقتراحات مثل “متابعة التسوق الذي كنت تقوم به أمس على موقع أمازون” أو “إكمال المقال الذي كنت تقرأه على موقع عرب هاردوير”.

ادفع لتستفيد!
في تجربتي سألته “ما أبرز الأخبار اليوم؟” وفي ثوان، عرض لي ملخصًا مرتبًا لأهم العناوين من كبرى الصفحات الإعلامية. وهو ليس أمرًا حكرًا على متصفح Atlas حيث سيقدم لك نفس الإجابة حتى لو كنت تستخدم متصفحًا أخرًا.
ومع ذلك أُعجبت بالفكرة. كان الأمر كأن لديّ مساعدًا صحفيًا يعمل في الخلفية. لكن سرعان ما بدأت التفاصيل الصغيرة تفسد الانطباع الجميل.الرسائل التي قطعت الحماس. فبعد دقائق فقط ظهرت أول رسالة:
لقد وصلت إلى الحد المسموح به في الخطة المجانيّة.
ثم بعدها مباشرة أخبرني بأنه “لا توجد نماذج متاحة تدعم الأدوات المستخدمة”. عندها فهمت أن Atlas ليس مجانياً كما تخيّلت. الذكاء الاصطناعي الذي أُعجبت به يعمل بكامل قدرته فقط في خطة GPT-5 Plus المدفوعة، أما المستخدم المجاني فسيحصل على نصف التجربة, بالكاد!
شعرت أني دخلت إلى عرض تجريبي لمنتج ممتاز، لكن يجب أن أدفع حتى أراه يعمل حقاً, و كأنني أجرب “Demo” لمنتج غير مكتمل.
المتصفح الذي يريد أن يساعد أكثر من اللازم
قررت أن أختبر قدراته العملية, طلبت منه حجز تذكرة قطار لأخي الذي يقيم في بريطانيا وجاء الرد لبقاً لكن محبطًا “هذه الميزة متاحة فقط للمستخدمين المشتركين بخطة ChatGPT المدفوعة.”
فجربت أمراً أبسط:
“افتح لي المقال الذي قرأته قبل أيام عن الذكاء الاصطناعي”
وهنا فاجأني الرد وسرعة الاستجابة! في ثوانٍ، فتح سجل التصفح وعثر على الصفحة الصحيحة. خطوة ذكية و مميزة لكن فرحتي لم تدم طويلًا. فعلى موقع أمازون على سبيل المثال، طلبت منه اقتراح منتجات “قد تعجبني”، فاختار أغراضاً كنت قد اشتريتها بالفعل.
أما على الفيسبوك، فكانت المفاجأة الأكبر عندما طلبت منه كتابة منشور شخصي، أنشأ نصّاً طويلاً غريباً، مليئاً بالهاشتاغات والمصطلحات وكأنه إعلان مدفوع أكثر من منشور عادي.. هنا بدأت أرى أن الذكاء الاصطناعي لا يزال يخلط بين الفهم والمبالغة. او انّه ببساطة غير قادر على التعبير عن المشاعر البشريّة بطريقة أوعى و أدقّ.
التشات جي بي تي داخل المتصفح مفيد أحياناً و مزعج أحياناً أخرى, الميزة الأساسية في Atlas هي أنه حاضر في كل صفحة, لكن هذا الحضور لم يكن دائماً مرحّباً به. مثلاً عندما طلبت منه تلخيص مقال كنت أقرأه، تجاهل الصفحة الحالية وبدأ في تلخيص مقال آخر من جلسة سابقة. أغلب الوقت المساعد كان حاضراً لكنه مشتّت و ضائع.
ورغم ذلك، لا أنكر أنه أنقذني في مواقف معينة:
كنت أبحث عن ماكينة حلاقة، فجمع لي قائمة بالخيارات، الأسعار، والخصومات، مع روابط مباشرة للشراء, كانت تجربة سلسة ومريحة و تعامل ك مساعد تسوّق فعليّاً بجانبي.
بعد يومين من التجربة اكتشفت أيضاً أن Atlas لا يعمل على الهواتف بعد. و فعلياً معظم تصفحي يحدث على الهاتف, أثناء الانتظار، في الطابور، في الطريق إلى العمل.
لكن Atlas يعيش في عالم الحواسيب المكتبية فقط و حصرا الMacOS، وكأن OpenAI نسيت أننا في عام 2025 حيث كل شيء متنقّل. لماذا تم طرحه بدايةً على اجهزة الماك حصراً ؟؟ لا يوجد جواب حقيقي.
ماذا عن الخصوصية؟

سؤال لا يمكن تجاهله, كل مرة كنت أستخدم فيها Atlas، كان يخطر ببالي سؤال: هل يسجل هذا المتصفح كل ما أفعله؟ فهو يقرأ الصفحات، يتتبع الروابط، ويعرف سجل التصفح وحتى ما أشتريه.
و من المحتمل أن تستخدم OpenAI هذه البيانات لتحسين نماذجها أو حتى لإطلاق نظام إعلانات في المستقبل.
عندما بحثت أكثر في سياسات الاستخدام وجدتها تقول لي بصراحة:
“Atlas قد يكون وسيلة لجمع بيانات حقيقية عن سلوك المستخدمين على الإنترنت”
وبصراحة، هذه الفكرة وحدها كانت كافية لتجعلني أقل راحة في استخدامه.
المزايا التي فعلاً تستحق الإشادة و رغم الانتقادات، هناك نقاط إيجابية لا يمكن إنكارها:
- الذاكرة السياقية (Thread Memory): Atlas يتذكّر ما كنت تبحث عنه حتى عند فتح تبويبات جديدة.
- المحادثة الواعية بالمحتوى: يعرف ما تقرأ ويقترح مصادر إضافية.
- أدوات الكتابة المدمجة: تساعد في تلخيص مستند أو كتابة بريد دون مغادرة الصفحة.
هذه الميزات مفيدة جدّاَ للباحثين، الكتّاب، والطلاب الذين يغوصون في كمٍّ هائل من المعلومات يومياً. لكن بالنسبة لمتصفح يومي بسيط ؟ ربما أكثر مما نحتاج.
مقارنة سريعة مع العمالقة
سأكون صريحًا: بعد أيام من استخدام Atlas، عدت إلى Chrome, فهو أسرع، أبسط، ولا يتحدث معي إلا عندما أريد. في المقابل، أقدّر جرأة OpenAI على دخول سوق يسيطر عليه Google وMicrosoft. فـ Chrome يملك Gemini AI، وEdge يدمج Copilot، والآن OpenAI تريد أن تلعب دور المساعد الذي يدمج التصفح بالمحادثة.
لكن الطريق أمام Atlas طويل. أن تنافس Chrome يعني أن تقدّم شيئاً أكثر من “محادثة جانبيّة ذكيّة”.
بعد أسبوع من العيش داخل Atlas، خرجت بانطباع مختلط, أعجبتني فكرته أكثر مما أعجبتني تجربته.
هو متصفح ذكي جدًا، لكنه لم يجعل تجربتي أبسط كما توقعتها بل زادت ضوضاءً و تشتيتاً, أرى أن Atlas سيكون ثوريّاً يوماً ما، حين يصبح على الهواتف، ويستطيع فعلاً أن يفهم سياق حياتنا اليومية.
أما الآن، فهو أشبه بـ نسخة تجريبية من المستقبل, مثيرة ومليئة بالإمكانات، لكنها ليست جزءاً من روتيني بعد.
الخلاصة
متصفح ChatGPT Atlas هو خطوة جريئة من OpenAI نحو دمج الذكاء الاصطناعي مباشرة في تجربة التصفح اليومية، حيث يعمل كمساعد شخصي يفهم المحتوى ويستجيب للأوامر ويقدّم تلخيصات فورية.
رغم ذلك، التجربة كشفت عن فجوة بين الفكرة والتنفيذ. فبين القيود على الخطة المجانية، وضعف الأداء في بعض الميزات، وتداخل المساعد أحيانًا بطريقة مزعجة، يصبح Atlas أقرب إلى تجربة استكشافية واعدة منه إلى أداة يعتمد عليها يوميّاً.
و سأعود الآن الى Chrome بسلام! 😁
?xml>
