جوجل توافق على دفع 500 مليون دولار لتسوية قضايا احتكارية!

وافقت شركة ألفابت، الشركة الأم لجوجل، على تسوية قضية مرفوعة من قبل مجموعة من المساهمين، تتعلق باتهامات بسلوك احتكاري يضر بمستقبل الشركة.
بموجب التسوية، ستنفق الشركة 500 مليون دولار خلال السنوات العشر القادمة على إصلاحات تنظيمية تهدف إلى تحسين التزامها بالقوانين وممارسات المنافسة العادلة. وتعتبر هذه الخطوة من أضخم الإصلاحات الداخلية التي تُفرض على شركة تكنولوجيا أمريكية بهذا الشكل.
لجنة رقابية على مستوى مجلس الإدارة
فرضت التسوية على ألفابت إنشاء لجنة خاصة على مستوى مجلس الإدارة تُعنى بمراقبة مدى التزام الشركة بالقوانين التنظيمية ومخاطر السلوك الاحتكاري. وسترفع اللجنة تقاريرها مباشرة إلى المدير التنفيذي ساندر بيتشاي، وستكون مسؤولة عن مراقبة سلوك الشركة في الأسواق واتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب أي ممارسات تجارية قد تُعتبر احتكارية أو غير قانونية.
إصلاحات داخلية واسعة النطاق
لم تقتصر التسوية على إنشاء اللجنة فقط، بل شملت أيضًا تغييرات في آليات العمل داخل أقسام الشركة المختلفة. سيُمنح الموظفون أدوات وإجراءات جديدة تساعدهم على اكتشاف المشكلات القانونية المحتملة قبل أن تتفاقم. كما وافقت الشركة على الاحتفاظ بسجلات المحادثات والاتصالات الداخلية، بعد أن وُجهت إليها انتقادات سابقة لاستخدامها أنظمة محادثة تلقائية الحذف، ما اعتبره القضاة محاولة للتخلص من أدلة محتملة.
تكلفة باهظة دون اعتراف بالذنب
رغم هذه الإصلاحات المكلفة، فإن التسوية لا تتضمن أي اعتراف رسمي من ألفابت بارتكاب مخالفات قانونية. ومع ذلك، قد تضطر الشركة إلى دفع عشرات الملايين من الدولارات كرسوم قانونية، إضافة إلى نصف المليار المخصصة للإصلاحات.
وقد صرّح متحدث باسم جوجل قائلاً:
“لقد خصصنا على مدار السنوات الماضية موارد ضخمة لبناء عمليات امتثال قوية، ونحن سعداء بالالتزام بهذه الإصلاحات لتجنب التقاضي المطول.”
تاريخ طويل من الملاحقات القضائية
تعود جذور هذه القضية إلى عام 2021، حين رفعت مؤسسة تقاعد من ولاية ميتشيجان دعوى تتهم جوجل بإلحاق الضرر بالشركة من خلال ممارساتها الاحتكارية المستمرة، ما أدّى إلى تصعيد المواجهات القانونية والتنظيمية ضدها. ومع مرور الوقت، ازدادت قوة هذا الادعاء، خاصة بعد سلسلة من الهزائم القضائية البارزة التي تلقتها الشركة.
سلسلة من الخسائر في قضايا الاحتكار
تعرضت جوجل لثلاث ضربات قضائية كبيرة خلال الأعوام الماضية:
- في عام 2023، خسرت الشركة قضية رفعتها شركة Epic Games، اتهمتها فيها باحتكار توزيع التطبيقات عبر متجر Google Play.
- في عام 2024، كسبت وزارة العدل الأمريكية قضية أظهرت فيها أن جوجل احتكرت سوق البحث الإلكتروني بشكل غير قانوني.
- وفي عام 2025، خسرت جوجل قضية أخرى تتعلق بالإعلانات الرقمية، ما يهدد المصدر الأساسي لإيراداتها.
مستقبل مختلف قد يُفرض على جوجل
تواجه الشركة الآن احتمال تغيير جذري في طريقة عملها، فقد يُطلب منها فتح متجر Google Play أمام متاجر تطبيقات منافسة، ومشاركة بيانات الإعلانات مع منافسين، وترخيص قاعدة بيانات البحث الخاصة بها، بل وربما حتى بيع متصفح Chrome الشهير.
تُظهر هذه الاحتمالات، وإن كانت لا تزال تحت الدراسة، حجم الضغوط التي تواجهها الشركة في الوقت الراهن. وقد تخفف الإصلاحات الحالية من حدة هذه الضغوط، لكنها بالتأكيد لن تمحو الخسائر القانونية والضرر الذي لحق بصورة الشركة العامة.
هل تعود جوجل إلى شعار “لا تكن شريرًا”؟
يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح هذه الإجراءات في إعادة جوجل إلى مبادئها القديمة وشعارها غير الرسمي “لا تكن شريرًا”؟ أم أنها مجرد محاولة لامتصاص الغضب القانوني دون تغيير حقيقي في السياسات؟
ستتضح الإجابة في السنوات المقبلة، لكن ما هو مؤكد أن الطريق أمام جوجل لم يعد ممهدًا كما كان في السابق، وأن زمن الهيمنة المطلقة بدأ يتعرض لتحديات غير مسبوقة.
ومع أن جوجل لا تزال تنفي ارتكابها لأي مخالفة قانونية، فإن قبولها بدفع نصف مليار دولار وإجراء تغييرات جذرية داخلية يكشف حجم التحديات التي تواجهها حتى داخل أسوارها. فلم تعد الشركة العملاقة محصنة كما كانت، ولم يعد بإمكانها تجاهل المطالبات بالإصلاح والمساءلة. قد تكون هذه التسوية خطوة نحو “تنظيف الصورة”، لكنها تظل جزءًا من معركة أوسع تُعيد تشكيل مشهد التكنولوجيا العالمي، حيث لم يعد النفوذ وحده كافيًا، بل باتت الثقة هي العملة الأغلى.
?xml>