تكنولوجيا

علاج إدمان الشاشات | أبرز الأدوات والتطبيقات التي تساعدك على التعافي!

عندما شاهدتُ الأغنية المصوَّرة «قطر الحياة» للفنان المصري أحمد مكي، أدركت حينها كيف يمكن للإدمان أن يسرق الإنسان من نفسه، ويحول أيامه إلى رحلة سريعة نحو هاوية لا عودة منها.

ورغم اختلاف الصورة، فإن المبدأ ذاته يتكرر مع إدمان التكنولوجيا. فقد أصبح الأمر شبيهًا بقطار سريع لا يتوقف، يحملنا بعيدًا عن حياتنا الواقعية. وإذا كانت المخدرات تخلق وهمًا بالسعادة وتترك فراغًا عميقًا، فالتكنولوجيا تفعل الشيء نفسه حين تسلب انتباهنا، وتُضعف تركيزنا، وتزرع بداخِلنا شعورًا متكررًا بالتيه والانعزال.

يبدو الخطر هنا غير مرئي، لكنه لا يقل فتكًا. فإدمان الشاشات قد لا يُنهي الحياة بالمعنى البيولوجي المباشر، لكنه قادر على أن يسرق جوهرها، مثل الترابط الأسري والعلاقات الاجتماعية. ومن هنا تبرز الحاجة إلى الوعي وإعادة الإمساك بزمام السيطرة، قبل أن يتحول «القطار الرقمي» إلى نسخة جديدة من «قطر الحياة» القاتم.

في الأسطر القادمة، نستعرض أبرز الأدوات والبرامج التي يمكن أن تساعدنا على تنظيم علاقتنا بالتكنولوجيا، حتى تصبح وسيلة آمنة تدعم حياتنا اليومية.

أدوات تتبع الوقت الرقمي

تُعد أول خطوة لفهم علاقتنا بالشاشات هي معرفة أين يضيع وقتنا بالتحديد. كثيرون يظنون أنهم يستخدمون هواتفهم أو حواسيبهم لفترات قصيرة، لكن الأرقام تكشف حقيقة مختلفة تمامًا.

هنا تأتي أهمية أدوات تتبع الوقت الرقمي التي تعمل في الخلفية لتسجل كل دقيقة نقضيها على التطبيقات والمواقع. 

لحسن الحظ، أصبحت أنظمة التشغيل الحديثة مزودة بمجموعة قوية من الأدوات المدمجة، التي تهدف إلى تنظيم استخدام الأجهزة الذكية وتقليل الإدمان الرقمي ما يعني أنك لن تحتاج لتثبيت أي تطبيقات خارجية لتتابع استخدامك اليومي.

هل تعلم؟ 💡

وفقًا لأحدث الإحصاءات لعام 2025، يقضي الإنسان العادي حوالي 6 ساعات و40 دقيقة يوميًا أمام الشاشات المتصلة بالإنترنت، بما في ذلك الهواتف الذكية والحواسيب والتلفاز. هذا الرقم يعادل نحو 40% من ساعات اليقظة اليومية، وهو زيادة بنسبة 7.9% (حوالي 29 دقيقة) مقارنة بعام 2013.

1. Digital Wellbeing (على أندرويد)

يتيح هذا النظام لوحة تحكم متكاملة تعرض إحصاءات مفصلة مثل الوقت المستخدم في التطبيقات، وعدد التنبيهات، وعدد مرات فتح الهاتف. ويمكنك تعيين حدود زمنية يومية (App Timers) لأي تطبيق؛ وعند الوصول إلى الحد، يتحول رمز التطبيق إلى رمادي ويمنع استخدامه مؤقتًا.

يوجد كذلك وضعيات Wind Down أو Bedtime، التي تحول الشاشة إلى تدرجات رمادية ويفعل «وضع عدم الإزعاج» تلقائيًا عند وقت النوم.

كما يوفر نظام Focus Mode وقف تشغيل التطبيقات المشتتة وفق جدول زمني، وطريقة فعالة لكتم الإشعارات مثل Flip to Shhh عند قلب الهاتف.

هذه الأداة مدمجة في أنظمة أندرويد، ويمكن الوصول إليها عبر التوجه إلى الإعدادات > الرفاهية الرقمية وأدوات رقابة الأهل كذلك يمكنك إضافة تطبيق منبثق (Widget) يعرض لك تقريرًا سريعًا لوقت الشاشة الذي تقضيه يوميًا على هاتفك.

تطبيق Digital Wellbeing

2. Screen Time (على iOS)

توفر ميزة Screen Time تقريرًا دقيقًا عن الاستخدام اليومي مثل عدد مرات فتح الهاتف وإجمالي الوقت، مع عرض إشعارات التطبيقات. كما يمكنك تحديد حدود زمنية لفئات التطبيقات.

في الجانب الآخر، يتيح Focus إنشاء أوضاع متخصصة مثل Work أو Sleep، التي تتحكم بمدى وصول الإشعارات وتغير واجهة الشاشة حسب تخصيصك، وتُفعل حسب الموقع أو الوقت. كما يمكن تقييد الإشعارات من جهات اتصال محددة وتزامن الإعدادات عبر أجهزة Apple المتصلة بنفس الحساب.

تطبيق Screen Time

تطبيقات إدارة الانتباه والتركيز

يُعد التحكم في الإدمان الرقمي خطوة أساسية نحو حياة أكثر توازنًا، وهنا تأتي التطبيقات المتخصصة في تعزيز التركيز كحل عملي يخلصنا من إدمان الأجهزة الذكية، ومن أبرز هذه التطبيقات:

1. تطبيق Forest

يعتمد Forest على فكرة مبتكرة قائمة على مبدأ اللعب التحفيزي (Gamification). فبمجرد أن يبدأ المستخدم جلسة تركيز، يزرع التطبيق شجرة افتراضية تنمو تدريجيًا مع استمرار الالتزام.

أما إذا غادر التطبيق أو انشغل بتطبيق آخر، فإن الشجرة تذبل وتموت، ما يخلق دافعًا نفسيًا قويًا للاستمرار من أجل تجنب الخسارة.

كما يوفر التطبيق مكافآت رقمية مثل فتح أنواع أشجار جديدة أو أصوات استرخاء في الخلفية، ويساهم فعليًا في حملات لزراعة الأشجار الحقيقية، ما يمنح التجربة بعدًا بيئيًا إيجابيًا.

وقد لاقى Forest إشادة واسعة من المستخدمين، خصوصًا أولئك الذين يعانون من صعوبة الحفاظ على الانتباه. ورغم فعاليته، فإن خاصية حجب التطبيقات على iOS قد لا تعمل بكفاءة إلا عند تفعيل وضع «التركيز العميق» (Deep Focus) مع إعداد قائمة استثناءات محدودة.

رابط التطبيق على Google Play | رابط التطبيق على App Store 

تطبيق Forest

2. تطبيق Freedom

يُعتبر Freedom أداة أكثر صرامة وانتظامًا لإدارة التشتت. فهو يتيح للمستخدم إنشاء قوائم مخصصة لحظر التطبيقات والمواقع أو اختيار قوائم جاهزة، مع إمكانية جدولة جلسات الحجب مسبقًا.

ومن بين ميزاته القوية وضع «Locked Mode» الذي يمنع إيقاف الجلسة قبل انتهائها، ما يجبر المستخدم على الالتزام حتى النهاية.

إضافة إلى ذلك، يقدم التطبيق أصواتًا مريحة مثل مقاطع طبيعية أو موسيقى تساعد على الاستمرار في العمل بتركيز.

وتشير تجارب المستخدمين إلى أنهم يستعيدون بفضل Freedom ما يقارب 2.5 ساعة إنتاجية يوميًا، حيث يتميز بقدرته على منع التشتت عبر جميع الأجهزة المتزامنة في وقت واحد، وهو ما يجعله أداة فعالة لمنع «الهروب» إلى جهاز آخر.

رابط التطبيق على Google Play | رابط التطبيق على App Store 

تطبيق Freedom

إضافات للمتصفح للحد من التشتت

بالنسبة للهواتف الذكية فقد نتمكن من السيطرة عليها بفضل التطبيقات والأدوات التي استعرضناها، ولكن كيف تتحكم على إدمان الشاشات المتعلق بالحاسوب؟ فإذا كنت تستخدم حاسوبك لفترة طويلة، فأنت غالبًا تقوم بحركة لاتلقائية تتمثل في فتح إنستغرام أو فيسبوك كل خمس دقائق! 

لحسن الحظ، جمعنا لك بعض الأدوات التي تسيطر على هذا النوع من الإدمان وتعمل على جميع المتصفحات المبنية على نواة “كروميوم”.

1. StayFocusd

تعمل إضافة StayFocusd على فرض قيود صارمة على المواقع المشتتة. يمكنك تحديد وقت يومي لاستخدام منصات مثل وسائل التواصل أو الأخبار، وعند تجاوزه يُحجَب الدخول تلقائيًا.

رابط تثبيت الأداة

أداة StayFocusd

2. Inbox Pause

هناك أيضًا أداة تركز على البعد السمعي للإلهاء، حيث توقف تسليم الرسائل الواردة لفترات محددة، لضمان فترات راحة ذهنية. كما تتيح جدولة التوقف والاستئناف تلقائيًا، وإنشاء رد تلقائي أثناء التوقف، وضبط استثناءات للرسائل المهمة فقط.

رابط تثبيت الأداة

سكرين شوت من داخل أداة Inbox Pause

كيف تساعد أجهزة القراءة الإلكترونية والساعات الذكية على علاج إدمان الشاشات؟

في سعيك نحو تصحيح علاقة التكنولوجيا بحياتك، يمكن لجهاز مخصص كهاتف Kindle أن يحدث فرقًا جذريًا؛ حيث يجمع بين بساطة الأداء وراحة البصر. تعمل شاشته بنظام E-Ink الذي يحاكي الورق، ويتجنب الإضاءة الخلفية والضوء الأزرق المرهق، ما يقلل الإجهاد ويجعله مثاليًا لجلسات قراءة ممتدة.

كما أن تصميمه المخصص للقراءة فقط، بلا إشعارات أو تطبيقات مشتتة، يخلق بيئة مثالية للتركيز. كما يساهم الجهاز في تحسين عادات النوم، بفضل غيابه عن الضوء الأزرق أثناء استخدامه ليلاً.

صورة لجهاز Kindle – المصدر: medium

من جهة أخرى، تقدم الساعات الذكية مثل Apple Watch وSamsung Watch أدوات بديلة لتحقيق التوازن الرقمي بطريقة عملية. إذ تقلل خاصية الاتصال عبر eSIM من الحاجة الملحة للوصول إلى الهاتف، ما يساعد على تفادي الانغماس في المشتتات الرقمية.

ومع ذلك، من المهم الانتباه إلى أن الاعتماد النفسي المفرط على تتبع الأداء البدني (مثل عدد الخطوات أو السعرات المحروقة) قد يؤدي إلى نوع من الضغط النفسي أو الشعور بالإخفاق يوميًا، لذلك ينبغي استخدام هذه الأجهزة بنحو واعٍ ومتوازن.

صورة لساعة ذكية – المصدر: techradar

نحو استخدام أكثر وعيًا للتكنولوجيا

بعد استعراض الأدوات والبرامج التي تساعد على الحد من إدمان التكنولوجيا، يتضح أن المسألة لا تتعلق بحجب الأجهزة أو الابتعاد عنها كليًا، وإنما بتبني أسلوب استخدام أكثر وعيًا وانضباطًا.

إضافة إلى ذلك، لا تُعد هذه الحلول غاية في حد ذاتها، بل هي أدوات تمكننا من إعادة تشكيل عاداتنا اليومية بحيث نصبح أكثر إنتاجية وأقل انجرافًا خلف الاستهلاك المستمر.

فكل دقيقة نستعيدها من بحر التشتت هي فرصة للاستثمار في تعلم مهارة جديدة أو ممارسة هواية أو حتى منح أنفسنا وقتًا للراحة والتأمل. وعندما نتبنى هذه الرؤية، يصبح الطريق نحو حياة صحية أكثر وضوحًا، وتتراجع فيه هيمنة الأجهزة، ويعود فيه الإنسان «ولو لفترة وجيزة» إنسانًا حقيقيًا.

?xml>