مراجعة لعبة STALKER 2: Heart of Chornobyl
لا أعلم كيف أبدأ هذه المراجعة… هل أبدأ بقول أن حماسي الذي استمر لأربعة أعوام ضاع هدرًا؟ أم أُبدي شفقتي على هؤلاء الذين انتظروا الجزء الجديد لأكثر من 15 عام؛ حيث إن لعبة STALKER 2: Heart of Chornobyl هي مثال حي على تدهور صناعة الألعاب كٌليًا في الوقت الراهن. فهي لا تواجه مشكلات بسيطة يمكن التغاضي عنها من أجل الاستمتاع بالتجربة الأساسية نفسها، بل تُعاني من معضلات في تصميمها الرئيسي تجعلها تجربة سيئة لدرجة صادمة وتجعلنا غير قادرين على ترشيحها بأي شكل حتى تحل كل مشكلاتها. تعالوا نُلقي نظرة سويًا على لعبة STALKER 2 ونُسلط الضوء على كيف انتهت اللعبة بهذا المطاف في مراجعتنا الكاملة!
قصة STALKER 2 تحاول تقديم شيء مختلف
تقع أحداث اللعبة بعد انفجار آخر للمفاعل النووي في منطقة تشيرنوبيل، الذي حدث في عام 2006 ونتج عنه مسوخ و شذوذات قاتلة تتسرب إلى جميع أنحاء المنطقة. لكن القطع الأثرية التي نتجت عن هذا الانفجار جعلت طمع البشر يفوق أي شيء؛ حيث دخل الكثير من الأشخاص إلى المنطقة تحت اسم STALKERS ويبحثون جاهدين على مسؤوليتهم الخاصة عن تلك القطع الأثرية في محاولة منهم لجني ثروة هائلة قبل العودة إلى العالم الخارجي مرةً أخرى، أو على الأقل لمعرفة ما الذي حدث في قلب تشيرنوبيل فعلًا!
أنت تلعب بشخصية Skif، أحد هؤلاء الـ STALKERS الذي قرر الدخول لمنطقة تشيرنوبيل من أجل جني المال والثروة، لكن المهمة التي كان يجب عليه القيام بها انتهت بطريقة غير متوقعة حيث تعرض للخيانة من إحدى الجماعات الموجودة داخل منطقة تشيرنوبيل، وهنا يبدأ رحلته في البحث عن تلك الجماعة التي خانته لينتقم منهم ويعرف ماهية الأمور وطبيعة المنطقة بقدر أكبر.
خلال رحلة Skif في منطقة تشيرنوبيل سيقابل الكثير من الفصائل والجماعات، وكل فصيلة لها سياساتها وأهدافها الخاصة وهنا يجب عليك أنت كلاعب الاختيار بين التعاون مع فصيلة مُعينة على حساب فصيلة أخرى مما ينتج عنها تغييرات كبيرة وجذرية في القصة تؤدي في نهاية المطاف إلى أكثر من نهاية للعبة STALKER 2: Heart of Chornobyl. القصة متفرعة وعميقة وتحتوي على الكثير من الأحداث والشخصيات الجانبية التي ستقابلها في طريقك، ولكنها في الوقت نفسه يوجد بها عيب قاتل…
هذا العيب هو أن القصة مملة في بعض الأحيان، وتقديم الشخصيات لم يجذب انتباهي بالقدر الكافي فلم أتعلق بأي شخصية منهم وكان من السهل بالنسبة ليّ خيانة أحدهم مثلاً أو الاهتمام بمصالحي الشخصية على حساب تلك الشخصية! القصة ليست سيئة في العموم، والتنوع والتفرع هذا سيجعل من إعادة اللعبة نفسها له طابع خاص وممتع، لكني في الوقت نفسه كنت أتوقع أكثر من تلك القصة بالأخص في هذا العالم العملاق، لكن القصة نفسها قصيرة وتمتد لحوالي 20 ساعة لعب فقط.
اللعبة تعتمد أيضًا على نظام سرد القصة من خلال العالم، عبر الاستماع للمحادثات وقراءة المستندات والأوراق المتناثرة في بيئة اللعبة، مع وجود مجموعة من المقاطع السينمائية على مدار ساعات اللعب.
نصيحة: جرب اللعبة باستخدام اللغة الأوكرانية بدلاً من الإنجليزية لأن التمثيل الصوتي بها أفضل وهو الأصل، وأيضًا لا تقلق فاللعبة مُترجمة بالكامل للغة العربية للنصوص والقوائم والترجمة هنا لا غُبار عليها وستجعلك تفهم القصة دون أي مشكلة.
أسلوب اللعب فوضوي لأبعد الحدود مع كمّ ضخم من المشكلات
لعبة STALKER 2 ليست تجربة شوترعادية؛ فهي لعبة رعب وبقاء وشوتر صعبة، هاردكور بها محاكاة للحياة الواقعية في الكثير من جوانبها، فلا تدخل على هذه اللعبة متوقعًا تجربة شبيهة بـ Call of Duty أو Battlefield، لأنها أبعد من ذلك تمامًا وأصعب حتى من تجربة سلسلة Metro مثلًا. ادخل إلى STALKER مقتنعًا أنك أمام لعبة صعبة وستجد التجربة أفضل نسبيًا لك، بالأخص إذا وضعتها على صعوبة منخفضة، لأن اللعبة بالفعل صعبة للغاية.
لنتحدث قليلاً عن كيفية سير اللعبة… أنت تلعب بشخص عادي وليس بطل خارق، ويجب عليك البحث عن الموارد من أجل ترقية عتادك وأسلحتك حتى تتقدم بسرعة وبأريحية أكثر في منطقة المفاعل النووي. لا توجد شجرة مهارات هنا، وكل ما عليك التركيز عليه هو استكشاف العالم ومعرفة أسراره والبحث عن مختلف الموارد والحفاظ على بعض العناصر الطبيعية، التي يحتاجها أي شخص للبقاء على قيد الحياة، مثل النوم والأكل والشرب والحماية من الإشعاع وكل تلك الأمور.
خلال تجولك في المنطقة ستحصل على ترسانة مختلفة من الأسلحة المُنوعة، التي يمكن ترقيتها والتعديل عليها بما يتناسب مع أسلوب لعبك، لكن المشكلة هنا هي أن استخدام الأسلحة في اللعبة ليس ممتع بصراحة. الحركة ليست سلسة وتشعر في الكثير من الأحيان بأن السلاح أثقل مما هو عليه والتصويب بطيء وممل، وستجد نفسك لا تُصيب الأهداف في الكثير من المواقف التي تحتاج منك التصرف سريعًا.
حركة الشخصية نفسها مزعجة وبطيئة سواء في الركض أو القيام بأي فعل، واللعبة قديمة في تصميمها لدرجة أنك لا تستطيع زيادة صحتك أو تعمير سلاحك أثناء الركض بسرعة. أيضًا بطلنا يشعر وأنه طفل صغير لا يستطيع التصرف بمنطقية في الكثير من الأحيان، فمن الممكن أن يقفز مثلًا على حاجز أو يختبئ ورائه، لكن يُفضل ألا يفعل ذلك وتجد نفسك في صراع مع يد التحكم خاصتك لتُنفذ الشخصية أوامرك!
وبالحديث عن الأعداء، فأعداء اللعبة تنقسم إلى أشخاص عاديين ووحوش، وسواء هذا أو ذاك، كلاهما يفتقران للذكاء في جميع النواحي. اللعبة لا تحتوي على ذكاء اصطناعي، بل تحتوي على غباء اصطناعي. والأعداء من أغبى ما رأت عيني في أي لعبة، سواء في تحركاتهم أو طريقة رصدهم لك. في أحد المواقف، أعطتني اللعبة سلاح كاتم للصوت من أجل التسلل إلى منطقة مليئة بالأعداء، وسبحان الله كانوا يسمعون صوت السلاح الذي عليه كاتم صوت كأنه سلاح عادي ويأتون لمواجهتي!!
ماذا عن صعوبة اللعبة؟ ببساطة، اللعبة تضع كمّ كبير من من الأعداء أمامك على الشاشة ومقتنعة بأن تلك هي الطريقة الأمثل لزيادة صعوبة التجربة، وفي النهاية تجد نفسك في مواجهة جيش من الأعداء أو الوحوش وأحيانًا لا تستطيع مواكبة تحركاتهم لأن الكاميرا مزعجة مما يؤدي لموتك. اللعبة تريد أن تجعل التجربة صعبة لغرض الصعوبة فقط ولا يوجد أي منطق أو تفكير صحيح في فعل ذلك.
تلك هي مجرد نبذة بسيطة عن المشكلات الموجودة في لعبة STALKER 2: Heart of Choronobyl، وهذه المشكلات لا يمكن وضعها تحت خانة الصقل التقني، بل هي مشكلات في أساس اللعبة وتصميمها. ويجب على فريق GSC Game World مراجعة أوراقهم مع اللعبة وتصميمها وإعادة تحسين تلك الأمور، خلال التحسينات المستقبلية والتحديثات المتتالية على مدار الأشهر المقبلة.
لحسن الحظ من ناحية أسلوب اللعب، فتوفر متعة كبيرة في استكشاف العالم، وهنا يظهر إحساس STALKER الذي تعودت عليه في الثلاثية الأصلية. العالم ضخم وشاسع وبه 20 منطقة مختلفة، وكل منطقة بها الفصائل الخاصة بها وتصاميمها المميزة والمواجهات والوحوش والمهام الجانبية الرائعة. كل تلك الأمور جعلتني أود استكشف عالم STALKER بصورة أكبر حتى ولو كانت عندي مشكلات مع جوهر تصميم اللعبة، إلا أنني تغاضيت عنها في الكثير من الأحيان لأُلقي نظرة كاملة على عالم تشيرنوبيل وأعرف كل أسراره.
تأثير الخيارات جعل متعة اللعبة تزيد بصورة ملحوظة، خاصةً مع وجود الكثير من المواقف العشوائية، التي تحدث في العالم سواء مع شخصيات قابلتها سابقًا أو شخصيات أول مرة تراها مما يُضيف واقعية لهذا العالم. ستتجول في بعض الأحيان وتجد شخص يطلب مساعدتك، وإذا وقفت لمساعدته سيُكافئك على ذلك بشيء لا يخطر على بالك مثل عتاد قوي أو سلاح فتاك.
الخطر موجود حولك في كل مكان بمنطقة تشيرنوبيل، وهذا في حد ذاته ما يجعل العالم واقعي وجعلني في الكثير من الأحيان أنغمس مع الشخصية وأحداث العالم، وأنظر له على أنه عالم حقيقي منطقي يعيش فيه أشخاص هدفهم مصلحتهم الشخصية وأتعامل على هذا الأساس؛ مما أدى لمواقف مختلفة بنهايات مُنوعة وأفكار مميزة استعرضتها اللعبة على مدار عشرات الساعات من اللعب.
ستشعر أيضًا في الكثير من الأحيان أن منطقة تشيرنوبيل نفسها عبارة عن كيان حي بحد ذاته يفعل أشياء خاصة به، فستجد شذوذات خارقة للطبيعة متناثرة في كل مناطق اللعبة التي يمكنك التفاعل معها أو استخدامها ضد الأعداء الآخرين، لكن احذر من أن يُصيبك أنت ضرر، لأنه من الممكن أن تموت في ثانية واحدة. مع وجود العواصف التي تجتاح العالم بين الحين والآخر والتي بدورها تُضيف على جمال عالم STALKER 2 وواقعيته وعدم توقع أي شيء فيه.
أين رسومات Unreal Engine 5 التي وعدنا بها فريق GSC Game World؟
لنتحدث قليلاً عن رسومات اللعبة، فتلك لعبة مبنية على محرك Unreal Engine 5 وقد وعد الاستوديو بتقديم تجربة تقنية غير مسبوقة برسومات خيالية… أو على الأقل هذا ما رأيناه في العروض الأولية لها. النتيجة النهائية للأسف كانت عكس ذلك تمامًا، فاللعبة في الكثير من الأحيان تبدو وكأنها تجربة جيل قديم وليس جديد. مشهد تجد فيه اللعبة جيدة رسوميًا ومشهد آخر تجدها رائعة ثم مشهد يليهما تجدها من أسوأ ما رأيت في الجيل الحالي لدرجة أن ألعاب الجيل السابق أمثال Metro Exodus تتفوق عليها وبجدارة في 99% من الوقت!
المشكلات التقنية تظهر بوضوح في الجانب الرسومي، لأن بعض الرسومات لا تُحمل مع Textures ضعيفة، بالإضافة لعدم وجود ظلال مثلاً أو انعكاسات منطقية في بعض المشاهد وإضاءة ضعيفة لا تعكس واقعية المشهد. لا أدري كيف قدّم الاستوديو اللعبة بهذا الشكل على محرك Unreal Engine 5. رُغم أن رأينا سابقًا في هذا العام تحفة فنية تُدعى Black Myth Wukong، برسومات خلابة على نفس المحرك وأدهشتنا مدى واقعيتها وجمالها.
لعل تصميم العالم نفسه هو ما ينجد رسومات STALKER 2؛ فاللعبة كما ذكرت تحتوي على مناطق كثيرة، وكل منطقة منهم لديها طابعها الخاص ونمط مميز برسومات مختلفة تجعلك تود استكشاف العالم والبحث عن كافة أسراره لرؤية كل منطقة عمل عليها فريق GSC Game World، وهي كلها مناطق مصنوعة يدويًا لم يتدخل الذكاء الاصطناعي في تطويرها بأي شكل.
الصوتيات هنا جيدة جدًا والتمثيل الصوتي نفسه أعجبني سواء باللغة الإنجليزية أو الأوكرانية، رُغم أنني أُرشح تجربة اللعبة باللغة الأوكرانية حتى تغمس نفسك أكثر في هذا العالم. الموسيقى التصويرية ممتازة وتعكس طابع الكثير من المشاهد السينمائية والمعارك بطريقة مميزة، وهي إحدى نقاط القوة الرئيسية في تجربة STALKER 2.
لنتحدث قليلاً عن أداء اللعبة الكارثي، التي جربتها على حاسوب متوسط بالمواصفات الآتية:
- معالج Intel Core i5 10400F
- 32 جيجا بايت من الرامات DDR4 بتردد 3200 MHz
- بطاقة رسومية NVIDIA GeForce RTX 3050
- تخزين على هارد M.2 NVMe
وضعت اللعبة على إعدادات بين متوسطة ومرتفعة مع تفعيل تقنية NVIDIA DLSS على وضع الجودة وتقنية توليد الإطارات من AMD، وحصلت على متوسط إطارات يتراوح بين 70-80 إطار في الثانية. لكن للأسف، اللعبة بها كمّ ضخم من التقطيع والجليتشات الملحوظة في الرسومات، التي جعلت التجربة التقنية غير مصقولة بالمرة وغير ممتعة، رغم كون الإطارات مرتفعة أمامي على الشاشة. STALKER 2 تربح وبجدارة جائزة أسوأ لعبة تقنيًا في عام 2024!
لعبة STALKER 2 تحتاج لأكثر من عامين حتى تُصبح قابلة للعب
بعد قضاء عشرات الساعات في عالم STALKER 2: Heart of Chornobyl، يمكن وبكل ثقة قول إن تلك اللعبة كانت غير جاهزة للإطلاق في الوقت الحالي وكانت تحتاج على الأقل لعام إضافي حتى تحل مشكلاتها. توقعاتنا في الوقت الراهن هي أن فريق GSC Game World سيحاول بقدر الإمكان حل مشكلات اللعبة خلال الأشهر المُقبلة، واللعبة ستحذو حذو Cyberpunk 2077؛ حيث سنجدها تتحسن تدريجيًا بمرور الأشهر والسنوات. وبالأخص أن لعبة STALKER 2 من المقرر أن يصدر لها أكثر من توسعة قصصية، بالإضافة لدعم طور أونلاين Multiplayer قريبًا في المستقبل!
رأينا خلال آخر يومين الكثير من النُقاد يضعون هذه المشكلات على عاتق حرب أوكرانيا وروسيا، وأنها “معجزة” أن فريق GSC Game World استطاع إخراج اللعبة بهذا الشكل في وسط الحرب. لكن أنا آسف لا يمكنني فعل ذلك، اللعبة كانت قيد التطوير لأكثر من سبع سنوات والحرب قامت منذ عامين فقط، والمشكلات الموجودة فيها هي مشكلات في لُبّ أسلوب اللعب نفسه وتصميم العالم، ولن تختلف إذا تواجدت حرب أو لا. شماعة الفشل تلك لن تُعلق على الحرب، بل يجب على الاستوديو الوقوف ومواجهة ما حدث مثلما فعل فريق CD Projekt RED مع Cyberpunk 2077.
في الوقت الحالي، لا يمكنني ترشيح STALKER 2: Heart of Chornobyl، خصوصًا أنها تُباع بسعر كامل سواء على الحاسوب الشخصي أو Xbox Series X|S. وحتى وإذا كنت تمتلك خدمة Xbox Game Pass، فلا أنصحك بتجربة اللعبة في الوقت الحالي مجانًا أيضًا، لأنها تُعاني من مشكلات على كافة المنصات. انتظر لبضعة أشهر حتى يعيدوا تصليح اللعبة، ثم أعطيها فرصة لتحصل على تجربة مقبولة على الأقل!
في النهاية
لعبة STALKER 2: Heart of Chornobyl ببساطة، هي أكبر خيبة أمل في عام 2024. فبعد انتظار 15 عام، حصلنا على تجربة غير مكتملة، غير مصقولة تقنيًا، وغير ممتعة في الكثير من الأحيان. ولا يمكنني أن أضع حرب أوكرانيا وروسيا في الحسبان كعائق أمام الاستوديو، خصوصًا أن تطوير اللعبة قد بدأ منذ سبع سنوات. تلك اللعبة تحتاج نفس معاملة Cyberpunk 2077، لتكون التجربة التي وعد بها الاستوديو. ولا أظن أن هذا سيحدث قبل عام أو عامين على الأقل من الآن، ولذلك للأسف في الوقت الراهن لا ننصح بتجربة اللعبة، حتى ولو حملتها مجانًا ضمن اشتراك Xbox Game Pass!
?xml>