تكنولوجيا

مطور لعبة “خالة فاطمة”: لقاء عرب هاردوير مع عبد الله آل حمد

من الأشياء التي نحرص عليها في عرب هاردوير تسليط الضوء على المبدعين العرب، لا سيما في المجال التقني، لأننا نعرف أن لدينا عقولًا لامعة تؤمن أنه ما دام استطاع شخص ما فعل شيء ما، فلا يوجد ما يمنعهم عن تكرار نفس الشيء أو حتى تجاوزه. أحد هؤلاء هو المؤثّر والمطور المستقل “عبد الله آل حمد”؛ صاحب اللعبة العربية “خالة فاطمة Aunt Fatima”.

لعبة “خالة فاطمة”؟!

إذا لم تسمع عن اللعبة من قبل، فباختصار شديد؛ هي لعبة رعب من منظور الشخص الأول تمزج بين التراث المحلي والتقنيات الحديثة. استطاعت اللعبة أن تحصد المركز الأول على YouTube Gaming كما خطفت جائزتي “أفضل لعبة سعودية” و”أفضل لعبة عربية”.

تدور أحداث اللعبة داخل بيت سعودي قديم تحوّل إلى سجنٍ مروّع تديره عصابة “الخالة فاطمة” وزوجها. أنت تلعب دورَ أحد المخطوفين ومهمتك هي الهرب قبل أن تنتهي ضحية لبثٍ شنيعٍ على الدارك ويب ومن ثَم تُباع أعضاؤك!

اللعبة تجمع بين مواقف رعب يقشعر لها الأبدان إلى جانب ألغاز تتطلب ذكاءً واستكشافًا دقيقًا لزوايا البيئة، وهي المنزل، إذ سيتعين عليك استغلال كل ما هو موجود حولك من الدواليب حتى الأسرّة في محاولةٍ منك لكشف أسرار هذه العائلة السيكوباتية التي لم تقتلك حتى الآن بأعجوبة.

“خالة فاطمة” بـ RTX ON!

جدير بالذكر أن اللعبة تعتمد على أحدث التقنيات من Nvidia مثل الـ DLSS 4 الموجودة حصرًا في كروت الـ RTX 50 والتي تُحسّن الأداء وتزيد من معدلات الإطارات إلى مستويات جنونية، بالإضافة إلى تقنيات تتبع الأشعة المُحسنة Ray Tracing Construction والـ Video Super Resolution اللذين ينقلان التجربة البصرية إلى مستوى آخر تمامًا. بعد المجهودات الفردية لمطور اللعبة الوحيد، يُنسَب إلى هذه التقنيات الفضل في خروج “خالة فاطمة” بالمستوى التي هي عليه وذلك في غضون 6 أشهر فقط!  

أما وقد أخذنا فكرةً عن اللعبة، دعونا نقابل مطورها المبدع “عبد الله آل حمد” ونتعرف على رحلته من صانع محتوى إلى مطور ألعاب…

حرصنا في عرب هاردوير على محاورة عبد الله فور عودته من فعالية NVIDIA Studio Nights في الرياض، لنعرف كيف وُلد هذا المشروع وكيف طوّع أحدث التقنيات ليَخرج بمنتجٍ أثار ضجّة عربية غير مسبوقة.

عرب هاردوير: رحلتك من صناعة المحتوى إلى تطوير لعبة رعب متكاملة خلال 6 شهور فقط ملهمة بحق؛ هلّا أخبرتنا بما ألهمك لبدء هذا المشروع وكيف أثّرت خلفيتك على تطوير اللعبة؟

عبد الله آل حمد: “في البداية، كان لدي مهمة في العمل تتعلق بإعداد فيديو لحدث معين، فقررت أن أصممه بطريقة تشبه الـ Main Menu التي نراها في الألعاب. أثناء بحثي عن كيفية إنشاء Main Menu على YouTube، لفت انتباهي مقاطع شروحات حول تطوير الألعاب، مثل كيفية تنفيذ تحركات اللاعب وغيرها من المواضيع. ما أثار دهشتي هو أن معظم هذه المقاطع كانت قصيرة جدًا، تتراوح مدتها بين 5 إلى 7 دقائق فقط. عندما عدت إلى المنزل، قررت متابعة هذه المقاطع، ومع مرور الوقت، ازداد شغفي بشكل كبير بتصميم أول لعبة لي.”

عرب هاردوير: تغمر “خالة فاطمة” اللاعبين في سردٍ مُرعب داخل بيتٍ قديم في السعودية. كيف ضمنت أن تمثل ثقافة المملكة بشكلٍ أصيل مع الحفاظ على عنصر الرعب؟

عبد الله آل حمد: “خلال عملية تطوير لعبة خالة فاطمة، كانت في البداية مستوحاة من أسطورة إماراتية تدعى “أم الدويس”، حيث تدور قصتها حول شخصية تخطف الرجال وتقتلهم. ومع مرور الوقت، أدركت أنني في الواقع كنت أطور شخصية بشرية وليست جنية كما كنت أتصور في البداية. بناءً على ذلك، قررت تحويل الشخصية الرئيسية إلى امرأة بشرية وأعدت تسمية اللعبة إلى خالة فاطمة مع الحفاظ على جوهر الأسطورة الإماراتية. كما قمت بتغيير موقع الأحداث ليكون في السعودية، مع إضافة طابع قديم يعكس الثقافة والتاريخ السعودي. لاستلهام التفاصيل بشكل واقعي، قمت بزيارة بعض البيوت القديمة للحصول على أفكار تساهم في خلق بيئة حية ودقيقة للعبة. وبالرغم من أن هذه العملية كانت أسهل مما توقعت، إلا أنني واجهت بعض التحديات في إعادة صياغة القصة والمحتوى بشكل يتناسب مع البيئة الجديدة.”

عرب هاردوير: أنتَ استخدمت تقنيات Nvidia مثل DLSS 4، وFrame Generation، Ray Reconstruction وهذا يمثل تحديًا للمطورين المستقلين، كيف أثّرت هذه الأدوات على أداء اللعبة وجودتها البصرية عبر التجميعات المختلفة؟

عبد الله آل حمد: “كان السبب الرئيسي لاكتشافي تقنية DLSS 4 هو أن صديقي، أثناء اختبار اللعبة في مرحلة الـ Play Test، كان يواجه مشاكل في الأداء بسبب ضعف مواصفات جهازه. لهذا قررت البحث عن طرق لتحسين الأداء. في إحدى المقالات، قرأت عن تقنية DLSS 4، فبدأت أبحث أكثر عن الموضوع، وكنت مترددًا في البداية لأنني ظننت أن إضافتها للعبتي ستكون معقدة. لكن، وعلى غير المتوقع، كانت العملية أسهل بكثير مما توقعت! قمت بإضافة التقنية إلى اللعبة، وأعطيت صديقي الفرصة لتجربتها مرة أخرى. لاحظنا فرقًا كبيرًا في أداء اللعبة وجودتها. ومن هنا، قررت اعتماد التقنية بشكل رسمي في لعبتي. بعد إطلاق اللعبة، استفاد العديد من لاعبي خالة فاطمة من تقنية DLSS 4، مما ساعدهم على تحسين تجربتهم بشكل ملحوظ، خاصة على الأجهزة المتوسطة.”

عرب هاردوير: استخدمت DLSS Multi Frame Generation وتجاوزات النماذج عبر تطبيق NVIDIA. ما الفوائد المحددة التي قدمتها هذه الميزات خلال مراحل التطوير والاختبار؟

عبد الله آل حمد: “سمحت لي تقنيات NVIDIA باختبار اللعبة بمعدلات إطارات أعلى على الأجهزة المتوسطة، كما أتاحت لي فرصة قياس الأداء على أجهزة مختلفة لضمان تجربة متوازنة للجميع. كذلك، ساعدتني في اختبار رفع دقة الرسومات من خلال تقنيات مثل Super Resolution، دون الحاجة إلى رفع الدقة الأصلية داخل اللعبة، وهو ما منح اللاعبين جودة رسومات فائقة مقابل أداء أقل تطلبًا من الجهاز، وهو توازن يصعب تحقيقه بدون هذه التقنيات.”

عرب هاردوير: كمطور مستقل، ما هي تقنية NVIDIA التي وجدتها الأكثر تحولًا في إحياء “خالة فاطمة”، ولماذا؟

عبد الله آل حمد: “لاحظت أن معظم اللاعبين يفضلون ضبط إعدادات DLSS Mode على “Ultra Performance” مع تفعيل خاصية Super Resolution، والتي تمنحهم أداءً عاليًا وجودة رسومات مبهرة في نفس الوقت. هذا أيضًا ما كنت أفضل القيام به خلال مرحلة تطوير اللعبة، واستمررت باستخدامه حتى بعد إطلاقها، لما يوفره من توازن ممتاز بين الجودة والأداء، خاصة على الأجهزة المتوسطة.”

عرب هاردوير: تصدرت “خالة فاطمة” صفحة YouTube Gaming ثلاث مرات وفازت بجائزة “أفضل لعبة سعودية” و”أفضل لعبة عربية”، فكيف غيّر نجاح اللعبة وجوائزها نظرتك لتطوير الألعاب في العالم العربية؟

عبد الله آل حمد: “بصراحة، لم أكن أتوقع أن تفوز لعبتي بأي جائزة، ولم أتوقع حتى أن تنتشر، خاصة أنها كانت موجهة بالأساس لمتابعيني فقط. لكن الحمد لله، اللعبة حققت إنجازًا كبيرًا وفازت بجائزتين، وهذا بفضل الله أولًا، ثم بدعم المجتمع العربي الذي كان له دور كبير في هذا النجاح. ردة الفعل من الجمهور كانت إيجابية جدًا، خصوصًا أنني لم أكن قد طورت أي لعبة من قبل. لطالما كنت أعتقد أن سمعة المطور العربي ليست جيدة لدى الجمهور العربي نفسه، لكن بعد التفاعل الرائع والإقبال الكبير على لعبتي، تغيرت نظرتي تمامًا.”

عرب هاردوير: من المحتمل أن تكون مشاركتك في فعاليات NVIDIA Studio Nights والحصول على الجوائز قد فتحت فرصًا جديدة. هل يمكنك مناقشة كيف أثرت هذه التجارب على علاقاتك مع مطورين وناشرين آخرين؟

عبد الله آل حمد: “قبل إطلاق لعبتي، لم يكن لدي تواصل فعلي مع مطوري الألعاب في المنطقة، ولم أكن أعرف سوى عدد قليل جدًا منهم. لكن الأمور بدأت تتغير عندما تلقيت اتصالًا من شركة NVIDIA للمشاركة في فعالية NVIDIA Studio Nights التي أُقيمت في الرياض، وكانت تلك أول مرة ألتقي فيها بمطورين آخرين من نفس المنطقة. ردة الفعل على لعبتي كانت إيجابية للغاية، وساهم هذا اللقاء في توسيع شبكة علاقاتي مع عدد من استوديوهات الألعاب المحلية. وبعد فوز اللعبة بعدة جوائز، فُتحت أمامي الكثير من الفرص، خصوصًا مع مطورين عرب. والأمر المذهل بالنسبة لي، أن التقنيات والأساليب التي استخدمتها في تطوير اللعبة أصبحت تُدرّس حاليًا في إحدى أكاديميات تطوير الألعاب.”

عرب هاردوير: للمطورين المستقلين في المنطقة الذين يفكرون في دمج أدوات تطوير NVIDIA أو ميزات RTX، ما النصيحة التي تقدمها بناءً على تجربتك مع “خالة فاطمة”؟

عبد الله آل حمد: “تقنيات NVIDIA تُعد من أفضل التقنيات المتوفرة حاليًا، وبفضل شعبيتها الكبيرة في منطقتنا واعتماد معظم الأجهزة على كروت شاشة من NVIDIA، فإن دمج هذه التقنيات في لعبتك القادمة سيكون بلا شك إضافة قوية وملحوظة. والأجمل من ذلك، أنها متاحة مجانًا!”

عرب هاردوير: إذا كنت ستشجع مطورًا عربيًا على تجربة DLSS أو RTX في مشروعه القادم، ما هو السبب الأكثر إقناعًا الذي ستقدمه؟

عبد الله آل حمد: “إذا كانت لعبتك تعتمد على رسومات عالية الجودة، فإنني أنصحك بشدة باستخدام تقنية DLSS. فهي تتيح للأجهزة المتوسطة تشغيل اللعبة بمظهر بصري قوي مع الحفاظ على أداء ممتاز، مما يضمن تجربة لعب سلسة دون التضحية بالجودة.”

عرب هاردوير: بالتطلع إلى المستقبل، هل يتوقع الجماهير جزءٌ ثانٍ أو توسعة لـ “خالة فاطمة”؟ ما هي خططك المستقبلية كمطور وراوٍ للقصص؟

عبد الله آل حمد: “في الوقت الحالي، لدي خطط أولية لتطوير مشروع خالة فاطمة، ولكن لا يمكنني تقديم وعود في هذه المرحلة نظرًا لعدم وجود تأكيدات نهائية بعد. في المقابل، أعمل حاليًا على مجموعة من المشاريع القادمة، تتضمن ألعابًا واعدة وقوية من المتوقع أن تُحدث تأثيرًا ملحوظًا في السوق مستقبلاً.”

بهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقابلتنا مع عبد الله آل حمد؛ الذي أثبت أن بوابة تطوير الألعاب لم تعد حكرًا على الاستديوهات العالمية، وأن أي مطور عربي يستطيع أن يخرج لنا بلعبة جيدة شريطة أن يمتلك المهارات، والأفكار، والأدوات اللازمة لذلك، وهذا ليس مستحيلًا البتة؛ وقصة عبد الله و”خالة فاطمة” هي خير دليل على ذلك.

 

?xml>