معركة بين مسؤول خدمات آبل و رئيس الشركة حيال الذكاء الاصطناعي

في الوقت الذي يترقب فيه عالم التكنولوجيا بترقب وقلق خطوة Apple الكبرى التالية في سباق الذكاء الاصطناعي، كشف تقرير حصري ومثير من موقع The Information عن وجود صراع استراتيجي عميق وهادئ داخل الدائرة المقربة للشركة، صراع بين رؤيتين متصادمتين تماماً قد تحددان مصير عملاق التكنولوجيا لعقود قادمة.
فوفقاً للتقرير الذي يستند إلى مصادر مطلعة على النقاشات الداخلية، يقود Eddy Cue (نائب رئيس الشركة الأول المسؤول عن برامج وخدمات الإنترنت وأحد أقدم وأقوى المديرين التنفيذيين في الشركة) تياراً داخلياً يدفع بقوة نحو ضرورة التخلي عن حذر Apple التقليدي وإبرام صفقات استحواذ ضخمة وجريئة على شركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. هذا التوجه ليس جديداً على ‘إيدي كيو’ الذي يُعرف بطموحه ورؤيته التوسعية؛ فالتقرير يكشف أنه كان من أشد المؤيدين في الماضي لصفقات كانت ستغير وجه الشركة بالكامل، مثل شراء عملاق البث Netflix أو حتى شراء شركة السيارات الكهربائية Tesla، وهي أفكار جريئة قوبلت جميعها بالرفض القاطع من الرئيس التنفيذي – تيم كوك.
ومع احتدام سباق الذكاء الاصطناعي في العامين الماضيين، والذي بدت فيه Apple وكأنها تلعب دور المتفرج، عاد إيدي كيو ليطالب مجدداً بضرورة التحرك السريع والجريء، وكشف التقرير أن إدارة Apple (تحت ضغط منه) ناقشت بالفعل فكرة الاستحواذ على شركتين تعتبران من أبرز اللاعبين الصاعدين في هذا المجال: الأولى هي شركة البحث الذكي Perplexity AI التي تقدم بديلاً ثورياً لمحركات البحث التقليدية، والثانية هي شركة النماذج اللغوية الفرنسية الواعدة Mistral AI التي أثبتت قدرتها على منافسة نماذج OpenAI و Google رغم حداثتها.
في المقابل، يقف الرئيس التنفيذي Tim Cook كحائط صد أمام هذا التوجه، متمسكاً باستراتيجية Apple التقليدية والحذرة التي أدار بها الشركة بنجاح باهر من الناحية المالية منذ رحيل ستيف جوبز، حيث ترتكز فلسفة تيم كوك على بناء التكنولوجيا الأساسية داخلياً قدر الإمكان، وعند الحاجة للاستحواذ يتم التركيز على الشركات الصغيرة والناشئة التي يمكن ضم مواهبها وتقنياتها بسهولة داخل نسيج Apple دون إحداث تغييرات جذرية في ثقافة الشركة أو نموذج عملها.
هذا الانقسام في الرؤى يوضح المعضلة الكبرى التي تواجهها Apple حالياً، فمن ناحية يرى تيار Eddy Cue أن ثورة الذكاء الاصطناعي الحالية أكبر من أن تتمكن Apple من اللحاق بها عبر التطوير الداخلي البطيء فقط وأن شراء شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي مثل Perplexity أو Mistral قد يمنحها دفعة هائلة تحتاجها بشدة، ومن ناحية أخرى،يخشى تيار Tim Cook من أن صفقة استحواذ ضخمة قد تشتت تركيز الشركة وتدخلها في مشاكل تنظيمية معقدة قد تحدث تغييراً في “الحمض النووي” الخاص بـ Apple التي لطالما افتخرت به وبسيطرتها الكاملة على كل جوانبها.
إن هذا الصراع الداخلي يكشف أن Apple تقف عند مفترق طرق تاريخي: فهل تظل وفيةً لثقافتها المتمثلة في البناء الداخلي البطيء والمتقن،أم تخاطر وتبرم صفقة ضخمة تغير قواعد اللعبة وتثبت أنها لا تزال قادرة على مفاجأة العالم؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد شكل Apple قبل نهاية العقد الجاري.
?xml>