روسيا توسّع «حرب الحبوب» ضد أوكرانيا

روسيا تقصف موانئ أوكرانية… وكييف تعزز قواتها على جبهة زابوروجيا
فيما اشتدت الضربات الروسية على موانئ تصدير الحبوب في جنوب أوكرانيا، أفيد بأن كييف أرسلت قوات جديدة إلى منطقة زابوروجيا لتعزيز هجومها المضاد المتعثر. وتزامن ذلك مع جدل حول شروط انضمام أوكرانيا على حلف «الناتو»، وصدور اتهامات جديدة من موسكو لواشنطن بالتورط في برامج لتطوير أسلحة دمار شامل في أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، كشف تقرير نشرته وزارة الدفاع الروسية تفاصيل عما وصف بأنه «تنشيط لبرامج تطوير الأسلحة البيولوجية الأميركية في أوكرانيا». وتتضمن لائحة بأسماء المؤسسات والأشخاص في أوكرانيا الذين تعاونوا مع وزارة الدفاع الأميركية، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات المانحة في الولايات المتحدة بغرض إجراء تجارب بيولوجية عسكرية.
ودأبت موسكو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا على توجيه اتهامات لواشنطن بأنها أدارت عشرات المراكز لتطوير أسلحة بيولوجية وجرثومية في أوكرانيا، وهو أمر تنفيه الولايات المتحدة.
وأعلن معد التقرير الجنرال إيغور كيريلوف قائد قوات الحماية الإشعاعية والكيماوية والبيولوجية التابعة للقوات المسلحة الروسية، أن اللائحة التي عملت الأجهزة الروسية على جمعها خلال الفترة الماضية، تشمل ممثلي مؤسسات حكومية وشركات خاصة في أوكرانيا لعبت أدواراً في إطار البرامج البيولوجية العسكرية الأميركية.
وأشار كيريلوف إلى أن الإشراف على البرنامج البيولوجي تم بشكل مباشر من جانب وزارة الخارجية الأميركية و«البنتاغون» وهما الطرفان اللذان أشرفا على عمل المركز العلمي والتكنولوجي الأوكراني، كما تم تمويل عدد من الأنشطة البيولوجية من خلال وكالة حماية البيئة الأميركية، ووزارات الزراعة والصحة والطاقة، وفقاً للتقرير الروسي.
وتضمن التقرير الروسي كذلك لائحة بأسماء الأوكرانيين الذين عملوا في إطار هذا البرنامج.
وقال كيريلوف إن الولايات المتحدة استأنفت أخيراً برنامجها و«تستعد لتطوير وباء جديد من خلال تحور الفيروسات»، مشيراً إلى أن «القاعدة التجريبية المتوفرة لدى الولايات المتحدة تسمح لها بالعمل مع مكونات الأسلحة البيولوجية»، لافتاً إلى أن «الأمراض التي يهتم بها البنتاغون عادة ما تنتشر في المستقبل».
على صعيد آخر، رأى نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، أنه من أجل انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي (الناتو) «يجب على سلطات البلاد التخلي عن كييف نفسها». وجاء حديث ميدفيديف تعليقاً على تصريحات أطلقها مدير المكتب الخاص لأمين عام حلف «الناتو»، ستيان ينسن، الذي رجح القبول بفكرة انضمام أوكرانيا إلى الحلف الغربي في مقابل التنازل عن جزء من أراضيها لروسيا.
وقال ميدفيديف: «فكرة جديدة لأوكرانيا من حلف (الناتو). يمكن لأوكرانيا الانضمام إلى (الناتو) إذا تخلت عن الأراضي المتنازع عليها (…) الفكرة مثيرة للفضول. والسؤال الوحيد هو أن كل أراضيهم المزعومة هي محل نزاع كبير. للانضمام إلى (الناتو) سوف يتوجب على السلطات أن تتخلى عن كييف نفسها، عاصمة الروس القديمة. وسوف يتعين عليهم نقل العاصمة إلى لفيف (غرب البلاد على الحدود مع بولندا)».
في موضوع آخر، راقبت موسكو الأربعاء تحرك أول سفينة أوكرانية محملة بشحنات من الحبوب عبر الطريق البديلة التي وضعتها كييف بعد انهيار صفقة الحبوب الشهر الماضي. ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية أن «السفينة الأولى التي تستخدم الممر المؤقت الذي فتحته كييف في البحر الأسود غادرت ميناء أوديسا».
وكانت موسكو وجهت ضربات صاروخية قوية إلى البنى التحتية لميناء أوديسا ومراكز تخزين الحبوب في أوكرانيا، وأعلنت أنها لن تسمح باستئناف تنفيذ الصفقة بشكل أحادي بعد تعليق مشاركة روسيا فيها.
رغم ذلك، أعلن وزير البنية التحتية الأوكراني ألكسندر كوبراكوف، أن سفينة حاويات محملة بأكثر من 30 ألف طن من البضائع غادرت ميناء أوديسا وتحمل اسم «جوزيف شولت». ووفقاً للوزير فإن السفينة موجودة في ميناء أوديسا منذ 23 فبراير (شباط) من العام الماضي، وتتجه حالياً نحو مضيق البوسفور.
وأشار كوبراكوف إلى أن هذه «هي السفينة الأولى التي تغادر ميناء أوديسا منذ 16 يوليو (تموز)». وكانت القوات البحرية للقوات المسلحة الأوكرانية قد أعلنت في وقت سابق، عن فتح ممرات مؤقتة للسفن التجارية المبحرة من وإلى موانئ البحر الأسود تشيرنومورسك وأوديسا ويوجني. وفي 12 أغسطس (آب) أعلنت كييف فتح باب التسجيل للسفن التجارية الجاهزة للإبحار عبر هذه الطرق «تحت إشراف القوات المسلحة الأوكرانية»، ما يضمن سلامتها. في الوقت الذي اعترف فيه ممثل القوات البحرية الأوكرانية دميتري بليتنشوك بأنه من المستحيل حالياً ضمان السلامة الكاملة لمرور السفن على طول الممرات المؤقتة في البحر الأسود.
وفي الإطار ذاته، قالت أوكرانيا الأربعاء إن مسيّرات روسية ألحقت أضراراً بميناء على نهر الدانوب في منطقة أوديسا في جنوب البلاد. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن حاكم منطقة أوديسا أوليغ كيبر قوله على شبكات التواصل الاجتماعي «نتيجة ضربات للعدو على أحد الموانئ المطلّة على الدانوب، تضرّرت مستودعات ومخازن حبوب»، مشيراً إلى أن منطقة البحر الأسود شهدت موجتين من هجمات طائرات مسيّرة، في أحدث هجوم يستهدف هذه المنشآت منذ أوقفت موسكو العمل باتفاق يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود. وقال سلاح الجو الأوكراني إنه أسقط 13 مسيّرة خلال الليل في منطقتي أوديسا وميكولايف الجنوبيتين.
من جهتها، أعلنت روسيا أن أنظمة دفاعها الجوي أسقطت مسيّرات عدّة خلال الليل قرب العاصمة، في أحدث سلسلة من الهجمات الجوية التي تستهدف مناطق حضرية في روسيا. وقالت وزارة الدفاع إن ثلاث مسيرات أسقطت في منطقة كالوغا في جنوب العاصمة، فيما قال مسؤولون إقليميون إنه لم تقع إصابات أو أضرار. وهذا الهجوم الجوي هو الخامس على الأقل هذا الشهر على منطقة كالوغا التي تقول روسيا إنها أحبطتها.
ميدانياً، نقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن مصادر غربية أن كييف أرسلت إلى الجبهة اللواء 82 الهجومي المحمول جواً وهو «آخر وحدة كبيرة احتفظت بها القوات الأوكرانية حتى الآن في الاحتياط».
ووفقاً للمعطيات فقد قامت قوات الإنزال الأوكرانية أخيراً بنقل أقوى وحداتها المؤلفة من 2000 فرد والمزودة بمركبات قتالية ودبابات من طراز «تشالنجر 2»، إلى بلدة رابوتينو في منطقة زابوروجيا جنوب أوكرانيا.
وتشهد زابوروجيا منذ أسابيع مواجهات ضارية، وسعت القوات الأوكرانية أكثر من مرة إلى تحقيق اختراقات على خطوط التماس، فيما قالت موسكو إنها واجهت كل الهجمات الأوكرانية ونجحت في صدها.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية، في إيجاز يومي عن مجريات القتال، بأن وحدات مجموعة القوات الروسية بدعم من الطيران العسكري والمدفعية صدت ليلة الأربعاء 3 هجمات باستخدام مفارز تابعة للاحتياطي الاستراتيجي للقوات الأوكرانية في زابوروجيا. وأضافت أن «خسائر العدو بلغت أكثر من 200 جندي و5 دبابات و6 مركبات مشاة قتالية ومدرعتين ومركبتين ومدفعين».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الأربعاء أيضاً أن قواتها قضت خلال يوم على نحو 735 جندياً أوكرانياً وأسقطت طائرة «سوخوي – 25» و26 مسيرة.
ووفقاً للتقرير العسكري الروسي فقد نفذت القوات عمليات هجومية في مناطق التماس وحسنت مواقعها على خط المواجهة.
وعلى محور دونيتسك قالت موسكو إنها صدت 5 هجمات، ونجحت في تدمير مستودع ذخيرة، وكبدت «العدو» خسائر بشرية بلغت 250 جندياً.
ونقلت وكالة «رويترز»، من جهتها، عن هانا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني قولها، الأربعاء، إن القوات الأوكرانية حصنت نفسها على مشارف قرية أوروزخين بجنوب شرقي البلاد، وذلك بعد أن استعادت السيطرة عليها من أيدي القوات الروسية. وأضافت ماليار على «تلغرام»: «أوروزخين تحررت». وتابعت قائلة «المدافعون عنا يتحصنون على مشارفها». وقرية أوروزخين في منطقة دونيتسك هي جزء من مجموعة تجمعات سكنية ريفية صغيرة أعلنت أوكرانيا استعادتها منذ أوائل يونيو (حزيران) عندما بدأت هجوما ضد قوات روسية تسيطر على أراض في جنوب وشرق البلاد. وتحدث مدونون عسكريون روس عن احتدام القتال قرب القرية، وعن أن الوحدات الروسية تحاول منع أوكرانيا من تعزيز قواتها في أوروزخين. وستشير استعادة السيطرة على القرية إلى أن أوكرانيا تمضي قدماً في هجومها المضاد جنوباً باتجاه بحر أزوف، وذلك بهدف شق صف القوات الروسية، وفق تقرير وكالة «رويترز». وتبعد قرية أوروزخين 90 كيلومتراً من بحر أزوف، ومن شأن استعادة ذلك أن يقرّب أوكرانيا من تهديد قرية ستاروملينيفكا، على بعد عدة كيلومترات إلى الجنوب، والتي يقول محللون عسكريون إنها بمثابة معقل روسي في المنطقة.
في المقابل، تحدث الإيجاز العسكري الروسي عن تقدم محدود على محاور كراسني ليمان وجنوب دونيتسك وخيرسون.
كما أشار إلى تدمير محطة رادار معدة للكشف عن الأهداف الجوية في منطقة نيكولايف.